الأحد، 4 مارس 2012

القضاء... على القضاء!

كثر الحديث في الايام القليلة الماضية عن قضية التمويل الاجنبي لبعض المنظمات الحقوقية التي تعمل بشكل غير قانوني بمصر وتناولتها وسائل الاعلام وشغلت الرأي العام بمدى تأثير هذه القضية في مسار الثورة المصرية وصل الى حد التشكيك في اسباب قيام الثورة وهل كانت الثورة ثورة شعبية سلمية قائمة على انهاء الفساد والظلم والاستبداد الذي عانى الشعب منه عقود طويلة.

تباينت الاراء حول القضية وابعادها السياسية والجنائية في مختلف طوائف الشعب من المثقفين والسياسين وحتى رجل الشارع العادي البسيط:-

فمن الاراء المتداولة ان القضية هي قضية تخابر وتدخل في الشؤون المصرية لاحداث مزيد من الاضطرابات والنزاعات الداخلية التي تؤثر على الامن القومي لمصر ... وقاموا بربط القضية بالثورة وانها احد اسباب قيام الثورة التي يرون فيها انها كانت مخطط خارجي لقلب نظام الحكم واحداث حالة من عدم الاستقرار ... معتمدين في توجههم هذا الى رفضهم الداخلي للثورة وتبعاتها من تغيير ... طال مصالحهم بشكل او بآخر.

ومن الاراء ايضا ان القضية لا تعدو سوى خطأ قانوني في عدم استخراج تصاريح لعمل هذه المنظمات قد يتم تداركة في المستقبل وان الهدف الرئيسي من تلك المنظمات هو شأن اي هدف سامي للمنظمات الحقوقية التي تهتم بحقوق الانسان ورعاية الاقليات... وتبنى هذه الفكرة والرأي اعضاء باقي المنظمات الحقوقية التي تعمل بشكل قانوني واستشعارهم بمساس حقيقي لاهدافهم السامية التي قد يكونوا يوما ما بين القضبان في ظل نظام فاسد يقيد الحريات ولا يهتم اطلاقا بحقوق الانسان الذي يعتبر في هذه الانظمة هو الطرف الارخص دائما .

وقد جاء التيار الاكبر والغالبية العظمى للشعب المصري الذي رأى في هذه المنظمات اهدافا غير شرعية ومتآمرة على احداث اضطرابات في مصر وبقاء مصر في حالة من عدم الاستقرار حتى وان لم تكن لها علاقة بالثورة التي يرى معظم الشعب المصري انها جائت للتغيير الحقيقي والطاهر اليد في من ضحوا باعمارهم ومستقبلهم من اجل مصر ونهضتها ونهاية عصر الفساد القاتم لها.

وزادت حدة القضية عندما اثبتت النيابة تورط المتهمين في قضايا تخابر واحداث اضطرابات بالامن القومي لمصر وتحويلها الى القضاء المصري الذي اعطى للشعب المصري الغيور على وطنة شعورا بصدور حكما عادلا في من يحملون تهما قد تصل الى حد الاعدام او السجن المشدد ومن بينهم تسع عشرة متهما امريكيا وما له من اثر في جنسيتهم التي شعر الشارع المصري انها سببا كافيا لاتهامهم بالخيانة والتآمر على مصر لصالح الولايات المتحدة واسرائيل.

وبعيدا عن حكم القضاء وثبوت التهمة من عدمها فالعدل الذي لا يشق له غبار يفرض على المتهمين الوقوف خلف القضبان حتى تتم محاكمتهم بشكل عادل اما بالادانة او بالبرائة.

لتزداد حدة القضية في التصريحات العنترية للمجلس العسكري الذي اراد ان يكتسب سمعة طيبة ورضاء كبير من الشارع المصري له بعد ادانتة في العديد من المذابح والاحداث التي حدثت للمصريين في عام من الثورة ... وانهم لن يقبلوا المعونة الامريكية وسوف يأخذ العدل مجراه في التعامل مع المتهمين وان مصر لن تركع كما قال رئيس الوزراء كمال الجنزوري ... مع مزيد من التكشيك في الثوار الشرفاء وانهم متآمرون مع هؤلاء المتهمين في احداث اضطرابات وزعزعة للامن القومي المصري.

حتى يتفاجيء الجميع ... بمن فيهم القاضي المسؤول عن القضية بان الحظر المفروض عليهم ومنعهم من السفر والذي لا يرفعة الا القاضي المسؤول قد تم رفعة وتجاهل القضاء وضرب احكامة بعرض الحائط.

لتأتي الطائرة الامريكية وبدون اذن مسبق للوصول الى مصر لاخذ المتهمين وعدم مثولهم للقضاء المصري ... ويتنحى القاضي الذي استشعر انه لا قيمة له ولا دور في قضية لا يملك فيها حق الحكم والقضاء!

ليخرج على الجميع المستشار عبدالمعز رئيس محكمة استئناف القاهره ورئيس اللجنة العليا للانتخابات سابقا بانه من امر برفع الحظر متجاهلا قاضي المحكمة المسؤول الاول ... الذي ارجع تنحية لاسباب عائلية تتمثل في ابنة الذي يعمل في احدى هذه المنظمات ... لينكر القاضي هذا الادعاء من المستشار عبد المعز!

ليظهر لجميع ان المستشار عبدالمعز كان كبش فداء للمجلس العسكري الخانع للولايات المتحدة والذي اصبح موقفة سيئا امام الرأي العام الذي استشعر بكم الاهانة والمهانة لمصر في خروج المتهمين وسفرهم دون محاكمة وانهم كونهم امريكيين فهم فوق القانون المصري وفوق مصر نفسها!

ليطالب القضاة المصريين برفع الحصانة عن المستشار عبدالمعز واتهامة بارتكاب جريمة في حق القضاء ... الذي اصبح بلا قوة او قيمة.

ليدفع القضاء المصري ثمن تواطيء وخيانة المجلس العسكري لهيبة الوطن وعدل القضاء الذي اهتز بشدة واصبحت سمعتة في مهب الريح.

فهل يقبل الشعب المصري ان تحطم هيبة الدولة والقضاء المصري على ايدي جنود مبارك الفاسدين وعملاء الولايات المتحدة؟ وهل سنقبل فرض الوصاية علينا والتدخل في الشؤون المصريية بهذا الشكل الفج؟! وهل سيستطيع القضاء ان ينتشل نفسة من هذه الازمة التي قد تعصف به وبأمن مصر والمصريين اذا انهارت امامهم الثقة في العدالة وانها عدالة عاجزة عن حماية نفسها.. تحت بطش القوة العسكرية؟!

اما آن الاوان ان يحاسب المجلس العسكري على جرائمة في حق مصر منذ ان فوضهم المخلوع لادارة شؤون البلاد حتى يفسدوا اكبر حصن من الامان للمصرين ... الا وهو حصن العدالة وهيبة القضاء ... وهيبة الدولة؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق