الخميس، 29 نوفمبر 2012

حكاية دستور مسلوق... وكرامة بتتهان... ودم رخيص


لو كان البكاء دواء لما يشعر به المصريين وتشعر به مصر ايضا لبكى الملايين على ما طال مصر من ايدي العابثين... مهما دونت وكتبت وحفظت للتاريخ شهادتي لاحد اسوء الايام التي مرت بها مصر منذ تاريخها القديم حتى يومنا هذا وقد يكون الاسوء في تاريخ مصر الماضي والحاضر والمستقبل...

مهازل... كوارث... عبث... قمة الفساد... اهانة... جحود... كره... غل... غباء... فشل... انهيار... مصائب... قل ما شئت واختر كل العبارات السابقة وزد عليها مما تتذكر او حتى ما لم تتذكره... كل هذا واكثر يحدث هذه الايام في مصر ومهما دونت للتاريخ فسيبقى التاريخ خجولا من هذه الحقبة منه التي تعلن كل من فيها ومن شهدها وظل صامتا على اقل تقدير إن لم يكن مشارك في كل هذه العبارات بشكل او بآخر.

بداية طبيخ الدستور

تم تشكيل اللجنة التأسيسية لعمل الدستور منذ اكثر من ثمانية اشهر قبل ان يتم حلها بحكم المحكمة والتي كان تشكيلها عبثيا بكل تأكيد... ومن ثم تم تشكيل اللجنة التاسيسية مرة اخرى بشكل اكثر توافقا بين كافة القوى السياسية ولكن في تجاهل الكثير من الطوائف والرموز الهامة ولكن... ارتضى الجميع ان تعمل هذه اللجنة لتأسس لمصر دستورا جديدا بعد ثورة يناير المجيدة التي اسقطت دستورا كان مفصلا لنظام قد سقط معه امام الشعب الثائر الغاضب.

وكان اهم ما يميز اللجنة التاسيسية الثانية التي تم تشكيلها منذ خمسة اشهر بالمقارنة بالاولى التي قد حلت هي تشابة نسبة تيار الاسلام السياسي كما يطلق علية بنسبة تصل الى اغلبية نسبية تسمح لهم بوضع ملامح للدستور المصري الجديد ورفض اي اقتراح من اي تيار آخر كونة يخالف افكار واهداف تيار الاسلام السياسي.

ظلت اللجنة خمسة اشهر في صراع داخلي بين تيار الاسلام السياسي والقوى المدنية الاخرى في صياغة وكتابة بعض البنود التي تأخذ مصر الى ملامح الدولة الاسلامية وفي الطرف الاخر تأخذ مصر الى ملامح الدولة المدنية... وكان دائما التوافق والتفاهم بين كلا الطرفين واجب قبل ان ينفرط عقد اللجنة ويتعطل انشاء دستور مصري جديد وتبقى مرحلة التحول الديمقراطي وتوزيع السلطات التي اخذها الرئيس محمد مرسي بسبب عدم وجود سلطة تشريعية لحل مجلس الشعب وقبل ان يصدر مؤخرا الاعلان الغير دستوري بتولية السلطة القضائية ايضا.

وقبل ان تنتهي فترة عمل اللجنة التاسيسية لوضع دستور مصر الجديدة وباقل من شهر تفاجئت كافة القوى المدنية بنقض اغلب الاتفاقات التي تمت بين الطرفين للتوافق حول دستور مصري جديد مما ادى الى انسحاب غالبية القوى المدنية من اللجنة تاركين اللجنة لتيار الاسلام السياسي الذي بدا واضحا علية الطمع والانانية والانفراد بالقرارات بطريقة المغالبة والاكثر صوتا داخل اللجنة.

مرحلة التمهيد لدستور تفصيل

بعد ان انسحبت القوى المدنية من تاسيسية الدستور كما انسحب ممثلي الكنيسة المصرية سواء كانوا على القوائم الاساسية للجنة او حتى على القوائم الاحتياطية وكانت هذه هي بداية مرحلة من العبث والغباء والتعنت وكافة العبارات التي قد سردتها في مقدمت تدونتي التي اعتبرها مذكرة تاريخية لاكبر مهزلة حدثت في تاريخ مصر....

في خضم الخمسة اشهر التي مرت على تولي الرئيس محمد مرسي لجمهورية مصر العربية وهناك الكثير من القرارات الخاطئة والادارة السيئة لشؤون البلاد والتي تنم اما عن قلة خبرة وحسن ادارة او عن فساد عميق متوطن في اركان الدولة منذ عهد النظام السابق ولم يستطع النظام الحالي والمتمثل في جماعة الاخوان المسلمين ان يستطيع محاربتة والقضاء علية او حتى الوصول الية.

لم يحاسب المواطن المصري رئيسة على ما كان يسمى بالمائة يوم حيث هي ليست بالفترة الكافية لكي يحكم على رئيس لدولة مثل مصر بما تحملة من مشكلات وفساد طال امدة وعلى الرغم من الكثير من الالام التي يشعر بها المواطن المصري في كافة متطلبات الحياة والاخطاء الملموسة لدى المواطن المصري البسيط من تخبط لادارة الدولة على مستوى الاحتياجات الاساسية للشعب المصري... الا ان الشعب المصري وبوعي شديد وتحمل وصبر وجلد تقبل ان يبقى صامدا املا في التغيير الحتمي القادم بعد ثورة قام بها للقضاء على الفساد وعلى نظام قد انقض ظهره كثيرا.

حتى تأتي لكمة المصارع الفجائية والتي تشبة في وصفها الزلزال الذي يحدث بلا ادنى استعداد او تحضير فيشق الارض ويهدم المنازل ويلقى العديد مصرعة... هكذا كان ابسط ما يتم وصفة لما فعلة الرئيس الحالي محمد مرسي عندما خرج بالاعلان الدستوري اللا دستوري والذي قتل بحثا وتعليقا ودراسة بانه اعلان تنصيب "الديكتاتور الاعظم" صاحب السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ايضا... وليذهب قضاء مصر وقضاة مصر الى الجحيم اما مساجين او عبيد سلطان قاضي وجلاد وجاني ايضا.

تسرع الرئيس في اصدار هذا الزلزال اللا دستوري الديكتاتوري لم يكن الاول في غضون خمسة اشهر فقط بل كانت اقالة النائب العام بشكل خاطيء وغير قانوني مما اعاد النائب العام عبدالمجيد محمود الى منصبة على الرغم من ما تطولة سمعتة من سوء لدى غالبية الشعب المصري الذي يعتبرة احد شركاء النظام السابق في فسادة ولكن... كيف يتم ازاحتة؟ هو السؤال.

كما تسرع ايضا وكانت اولى اخطاء الرئيس محمد مرسي عندما اعاد مجلس الشعب المنحل سلفا بحكم المحكمة الدستورية مما اعاد حلة مرة اخرى واصبح موقف الرئيس محرج للغاية واثبت للجميع مع تكرار الاخطاء الساذجة هذه انه اما ضعيف الخبرة والادارة او لا يحكم مصر بمفردة كما تأكد هذا الان.

وفي خضم هذه الاخطاء والتسرع والتدخل في شؤون الرئيس من قبل جماعة الاخوان المسلمين تأتي المشاكل التي تدب كافة الوزارات والمصالح التي كانت وطنية الطابع تابعة للحزب الوطني قلبا وقالبا... 

اهانة مصر والدم المصري رخيص

خرج الرئيس محمد مرسي متهما القضاء المصري بالخيانة والتواطؤ والفساد وان القضاء بذاتة وقضاة هم اخطر من يحاربون مرحلة التحول الديمقراطي لمصر بعد ثورتها المجيدة والذي يتعمد قضاة ان يعرقلوا المسيرة لمصلحة النظام السابق وبهدف هدم اهداف الثورة ومن هذا المنطلق ونتيجة لبقاء النائب العام المتهم بالفساد ايضا بحكم قانون السلطة القضائية وبشكل مفروض على الرئيس محمد مرسي فقد كانت الصفعة التي تلقتها مصر من رئيسها الذي حول نفسة في لحظة الى قديس او اله لا يخطيء وقد قرر ان يلغي القضاء المصري ويلغي اي من يحاول ان يعرقل قراراتة لتصبح قراراتة نافذة ولجنة عمل الدستور محصنة لا يمكن حلها او تغييرها كما بقى مجلس الشورى هو الاخر محصن من اي حل او تغيير.

هاجت الدنيا وماجت وتحول الشعب الصابر المتحمل لكافة الظروف والاخطاء والتسرع الغير مبرر وعادت انتفاضة الشعب كما لو كانت ابان الثورة المصرية الساخطة على النظام الفاسد وكأنها تريد ان تذكر الرئيس الجديد بما حدث لما سبقة من مصير اذا اراد ان يبقى على ما اصدرة من قرارات جاحدة كافرة بكل قيم العدالة والانصاف والحكم.

سجلت مليونية يوم الثلاثاء الموافق السابع والعشرين من نوفمبر للعام الحالي حشدا ضخما قد يصل الى ما كانت تشهدة ايام ثورة يناير المجيدة وبغض النظر عن تصنيف المصريين العنصري فقد كان الجميع متفق على الا يستولي تيار بعينة على كافة مجريات الامور وتتحول مصر من وطني سابق الى اخواني حالي وباقي المصريين رعاع.

وكانت ردة فعل جماعة الاخوان والتي ينتمي لها الرئيس الحالي ان ترى في هذا الحشد تحدي لها وللهيمنة المنشودة لهم على مصر والسلطة والمال فتحول الصراع الى صراع طائفي بين طائفة من الشعب واخرى وتم التهديد بالنزول الى ميدان التحرير والذي يعتصم فيه باقي طوائف الشعب باستثناء هذا التيار العنصري المتأسلم حتى يحدث الاصطدام ويفرض اي من الطرفين اهدافة على الاخر حتى لو سالت دماء المصريين التي لن تسأل عن اي طائفة تنتمي هذه الضحية.

وبقى الرئيس المتغطرس الاعمى يخطب ويتقرب الى انصاره من الجماعات المتأسسلمة وبشكل عنصري يجعلة المسؤول الاول عن اي دماء سالت اليومين الماضيين او ستراق الايام القادمة بين طوائف الشعب وفي معارك المحافظات بين التيار الاسلامي وعامة الشعب خلال هذه الايام الصعبة..... ويوم السبت القادم 1/12/2012 قد يصبح اسود ايام مصر لا قدر الله لو لم يعي الشعب ماذا يفعل الفاسدون في السلطة بمصر وشعبها.

الاربعاء 28/11/2012 ... يوم اسود ودستور مسلوق (فضيحة للتاريخ).

ما ساقولة للتدوين بلا اي مبالغة فقد يصل الى من يقرأ ما سيتم تدوينة في هذا اليوم الاسود الى حد عدم التصديق او التخيل ولكن هي الحقيقة وبامانة.

مع كثرة الضغط الشعبي على الرئيس الديكتاتور ورفض الاعلان اللا دستوري الذي مد فترة عمل الدستور لشهرين قادمين حتى يتم استكمال الدستور وهذا بفرضية قبول القوى المدنية لما تحتكرة القوى الاسلامية وتفرضة عليها....

تحولت فترة الشهرين الى ساعات قليلة يوم الاربعاء وتكملة اليوم الخميس 29/11/2012م حيث ينتهي الدستور في يومين هما الاربعاء والخميس ويتم عرض الدستور على الشعب يوم السبت او الاحد القادمين الموافق 1-2/12/2012م  على اقصى تقدير للاستفتاء على الدستور الذي يتم في ثنايا يومان وبلا اي قوى مدنية منسحبة جميعها بالاضافة الى ممثلي الكنيسة المنسحبة ايضا جراء احتكار التيار الاسلامي لوضع الدستور.

وحتى تكتمل اللجنة التأسيسية بعد ان انسحب منها من انسحب فقد دخل بعض الاعضاء الاحتياطيين وحلوا محل من انسحبوا من اللجنة ولكن.... تأتي هنا الصااااااااااعقة....

لا يوجد ممثل للكنيسة المصرية احتياطيا حيث انسحب الممثل الاساسي والاحتياطي للكنيسة فقرر التيار الاسلامي المحتكر للجنة التأسيسية ان يعين السيد "محمد" عبدالمنعم الصاوي ممثلا للكنيسة المصرية!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

اصبح "محمد" ممثلا للكنيسة في انشاء دستور مصر!... ولا غرابة اذا وجدت بابا الكنيسة في مصر يوما من التيار السلفي!... ياله عبث وطغيان وتخلف من تيارات تسيء للاسلام حقاً.

وفي هذا التوقيت القياسي لعمل دستور يحتاج ما لا يقل عن ستة اشهر لعملة وتم اختزال هذه المدة في يوم الاربعاء واليوم الخميس للانتهاء منه حدث ما يلي...

ظلت اللجنة التأسيسية حتى الساعة الثانية من منصف ليل الخميس جالسة بمجلس الشورى تصوت على بنود الدستور لوضعها بالمسودة وبدون طرح افكار ما هي الا افكار جاهزة ومعدة سلفا من بعض اعضاء اللجنة وبلا اي نقاش او تحاور او اي اختلاف فلا يوجد باللجنة سوى التيار الاسلامي اخوان كانوا او سلفيين وبقي محمد الصاوي ممثلا للاخوة المسيحين!

واتفقت اللجنة ان تبدا في استئناف عملها للانتهاء من الدستور اليوم بعد سهرة امس على ان يبداو في تمام الساعة العاشرة صباحا وان يصبح غدا الخميس كافيا للانتهاء من دستور مصر !

لا توجد قوى مدنية وممثل الكنيسة محمد!... واللجنة التأسيسية نفسها قد يتم حلها بحكم محكمة قبل ان يتطاول الرئيس على القضاء ويلغية لصالح قراراتة التي لا ترد!

هكذا يكتب تاريخ مصر ودستورها وتصبح مصر بهذه المهانة ودستورها بهذا الامتهان والعبث والفساد من طائفة لا تقل فسادا عن الحزب الوطني المنحل!!!!!

وفي النهاية يتم وضع اختيارين امام الشعب والقوى المدنية... اما القبول بالدستور المسلوق في يومين او القبول بالاعلان اللا دستوري وتحويل مصر من جمهورية الى ديكتاتورية لجماعة الاخوان المتأسلمين... وحينها اهلااااااااااااااا بالفاشية الدينية وتكفير المعارضين!

هل يقبل الشعب ان يعيد التاريخ نفسة ويذهب فاسد ليأتي آخر ام يابى هذا الشعب ان يعيش يوما آخر في احضان الفساد وبمنتهى الامتهان لكرامة مصر والمصريين؟!... وتبقى لمرسي فرصة اخيرة.