الجمعة، 17 فبراير 2012

رئيس دليفري


كثر الحديث في الآونة الاخيرة عن بحث المجلس العسكري مع جماعة الاخوان المسلمين والاحزاب حول الاتفاق على رئيس توافقي لقيادة مصر في الفترة القادمة... حيث يجتمع الجميع على ترشيحة وعرضة للشعب المصري بين باقي المرشحين للرئاسة ليتم اختيارة رئيسا لجمهورية مصر العربية.

ومن العجيب ان تكون مصر بعد الثورة وفي ظل ديمقراطية حقيقية ينادي بها الجميع ان يتم الالتفاف على ارادة الشعب بالتوافق على رئيس معين يتم الترتيب والتمهيد له بحيث يدخل سباق الانتخابات الرئاسية ويفوز في النهاية!! ... وما هي فرص المرشحين الباقين للرئاسة في ظل هذا التوافق القائم على المصلحة المتبادلة؟!
             
منذ تنحي الرئيس مبارك وسقوط نظامة الفاسد وهو السقوط المشكوك فيه حتى الان وبدا المرشحين للرئاسة في الظهور اعلاميا والبدء في حملة الدعاية والندوات واللقائات من اجل التعريف بانفسهم حتى وان لم يبدا الاعلان الرسمي ببدا حملات الترشح للرئاسة ... وبدأ الشعب المصري في المقارنة بين المرشحين من حيث تاريخ العمل السياسي لديهم او في تصريحاتهم الاعلامية ورؤويتهم بشأن ادارة البلاد حال نجاحهم في الانتخابات الرئاسية .

فتعددت الافكار والاختيارات لدى الشعب المصري ... فمنهم من قرر ان يختار رئيسا لمصر له خبرة سياسية سواء في العمل السياسي في ظل نظام مبارك ومنهم من قرر ان يختار مرشح لا يوجد لدية تاريخ سابق مع النظام الفاسد السابق تخوفا من تكرار هذا الفساد ... ومنهم من قرر ان يختار المرشح ذو المرجعية الاسلامية ... وبدا الاختلاف واضحا بين طوائف الشعب في رؤيتهم للرئيس القادم من مميزات وصفات تجعل المرشح للرئاسة محل اهتمام.

ومع كل هذه الاختلافات بين اراء الشعب المصري الا انهم اتفقوا جميعا على قبول الديمقراطية التي تجلب احد المرشحين للرئاسة عن طريق الانتخاب الحر المباشر وباغلبية الاصوات ... تعميقا لمبدأ الديمقراطية المنشود الذي لم يكن له وجود في السابق في ظل نظام مبارك الذي لم يعطي الفرصة لكي يترشح احد يوما ما امام الرئيس المخلوع او حتى التفكير في هذه الخطوة.

وبعد ان فوض المجلس العسكري بادارة شؤون البلاد وبغض النظر عن فشلة الذريع في هذه الادارة ... الا ان الشعب المصري قرر ان يضع ثقتة الكاملة في المجلس العسكري في تسليم السلطة الى سلطة منتخبة في نهاية شهر يونيو القادم وبغض النظر عن رؤية الثوار في عدم الثقة في المجلس العسكري الذي تسبب في قتل واسر واصابة الكثير من المصريين ما بين ثوار مناضلين من اجل التغيير وضحايا سقطوا نتيجة تواطيء واهمال الاجهزه الامنية في مذبحة بورسعيد.

ليستغل المجلس العسكري الثقة الممنوحة له من اغلبية الشعب المصري لخدمة مصالحة وتوفيق اوضاعة ... فبدا المجلس في تكوين تحالف مصطنع مع حزب الحرية والعدالة الممثل للاخوان المسلمين ومن بعدة التوافق مع باقي الاحزاب لكي تتم تقسيم كعكة الثورة بينهم في نظرية المصالح المتبادلة ... ليحصل الاخوان وباقي الاحزاب على الفرصة في تشكيل حكومة ائتلافية قد ترى النور في غضون الفترة القليلة القادمة في مقابل الموافقة على رئيس مدعوم من المجلس العسكري ومستعد لتنفيذ مصالح المجلس العسكري من مزيد من الحصانة لهم وبقائهم في مناصبهم او حتى في خروجهم الآمن حتى لا تنكشف اوجة الفساد والقصور لديهم او في جزء من الادارة السياسية في ظل هذه الكعكة السياسية المقتسمة.

ومع معرفة قليلة للتاريخ المصري الحديث ومنذ ثورة يوليو 1952 العسكرية والحكم العسكري هو المسيطر على مصر وان حدثت ثورة الشعب في 2011 لانهاء هذه السيطرة فقد يكون انهاء ظاهري وتبقى السيطرة في ظل رئيس خانع وخاضع للحكم العسكري في صورة حكم مدني.

وبتجاهل كامل لارادة الشعب التي قد تختار رئيس اخر غير المتوافق علية من قبل المجلس العسكري والاحزاب فلا مجال لانتخابات نزيهة والرئيس معلوم الهوية من قبل اجرائها ... وهذا سيكون مؤكد عندما يشرف المجلس العسكري على هذه الانتخابات ... فمن اين تأتي النزاهة والشفافية في انتخابات يشرف عليها من يريد طرف دون الآخر ؟!!!

هل يقبل الشعب المصري الالتفاف السافر على ارادتة في تزوير الانتخابات الرئاسية القادمة واعلان فوز مرشح دون الاخر معلوم مسبقا لدى المجلس العسكري والاحزاب؟!

ام تنقلب الطاولة على رؤوس الفاسدين المتآمرين على ثورة شعب عاش عقودا في مرارة وذل القمع والفساد؟!

وهل يكون لمبارك واعوانة نصيبا من العفو والحماية في مجيء رئيس مدعوم من النظام الفاسد ؟!

اسألة كثيرة تجيب عنها الشهور القليلة القادمة وستكون اجابات ايضا لمستقبل الثورة المصرية الذي اصبح في خطر بعد ان وثق الشعب فيمن لا يستحقون الثقة.