الأربعاء، 7 مارس 2012

فرخة الدستور ... ام بيضة البرلمان


من الاسئلة القديمة التي عجز البشر عن اجابتها منذ قديم الازل ولم يستطع العلماء ايجاد اجابة لها وهو ... " البيضة ولا الفرخة اولا؟" حيث لا يعلم احد من ولد اولاً هل كانت الفرخة ثم جائت البيضة؟ ام البيضة جائت اولا ثم كبرة واصبحت فرخة!!!

وبانتقال سريع من هذا السؤال المستحيل الاجابة ... الى ما يحدث في مصر ما بعد الثورة وبشأن اجتماع مجلسي الشعب والشورى لوضع الية تشكيل اللجنة التأسيسية لعمل الدستور المصري ... وما هناك من تشابة بين الاحداث والسؤال المستحيل.

اذا استعرضنا تعريفا شاملا للدستور :-

هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.

ويشمل اختصاصات السلطات الثلاث ((السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية)) وتلتزم به كل القوانين الأدنى مرتبة في الهرم التشريعي فالقانون يجب أن يكون متوخيا للقواعد الدستورية وكذلك اللوائح يجب أن تلتزم بالقانون الأعلى منها مرتبة إذا ما كان القانون نفسه متوخيا القواعد الدستورية. وفي عبارة واحدة تكون القوانين واللوائح غير شرعية إذا خالفت قاعدة دستورية واردة في الوثيقة الدستورية.

ومن خلال هذا التعريف الشامل بالدستور يتضح لنا انه ابو القوانين والبيت الذي يحتوي في جنباتة العلاقة بين الحاكم والمحكوم والتنسيق بين السلطات وتحديد اليات اختيار هذه السلطات ومنها السلطة التشريعية " مجلس الشعب والشورى" .

فكيف لنا ان نتخيل الامور بشكل معكوس ... فبدلا من ان يأتي الدستور ليحدد مهام مجلس الشعب ... يأتي مجلس الشعب كي يحدد مهام الدستور!!!

اذا استعرضنا اللقاء الذي جمع مجلسي الشعب والشورى وطالعنا اغلب الاقتراحات المقدمة فاننا نجد معظمها منصب على وضع نسبة من اللجنة التأسيسية المكونة من مائة عضو على اعضاء مجلسي الشعب والشورى وهذا في حقيقة الامر قمة العبث السياسي ... فلا يصح ان يأتي دستور يحدد مهام اعضاء البرلمان وهم من يحددون هذه المهام انفسهم!

واذا استعرضنا تاريخ مصر المعاصر وبالتحديد اخر ثلاث عقود من حكم مبارك الفاسد الذي تدخل في كتابة الدستور المصري بما يحلوا له كرئيس للبلاد وبدلا من تحديد مهام الرئيس في الدستور المصري قام هو بتحديد مهامة في الدستور التي وصلت الى رئاسة الهيئة العليا للقضاء ورئاسة الهيئة العليا للشرطة ورئاسة المجلس الاعلى للقوات المسلحة ورئاسة كل شيء وفوق كل شيء حتى انه اصبح فوق مصر ودستورها وشعبها ايضا.

فهل نكرر فساد السابقين في مصر ما بعد الثورة ونحذو حذو الفاسدين في اعطاء الفرصة للبرلمان المصري ان يحدد مهامه التي قد تصل الى صلاحيات مطلقة لاعضاء البرلمان ووضعهم فوق القانون كما فعل الرئيس المخلوع؟!

كما ان الدستور ومن اهم اساسياتة ان يأتي معبرا عن سائر اطياف الشعب المصري من اغلبية اسلامية الى اقلية مسيحية وشمول جميع المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والتعليم والصحة والقضاء والجيش والفن والسياحة وغيرها من مختلف المجالات كي يأتي الدستور شموليا وواضعا في الاعتبار جميع الحقوق والقوانين التي تعبر عن سائر طوائف الشعب ولا تعبر عن طائفة دون غيرها ... وهذا ما كان سببا في وصول اعضاء اللجنة التأسيسية الى مائة عضو كي يتم اختيارهم من سائر الاطياف .

واذا تدخل مجلس الشعب والشورى في وضع نسبة من اعضاء اللجنة منهم فان هذا بكل تأكيد سوف يؤثر على اختيار باقي اطياف الشعب في عدد قد لا يتجاوز الستون او السبعون عضوا مما يقلل من فرصة تواجد مختلف اطياف الشعب في لجنة عمل الدستور المصري الشامل لجميع الاطياف .

كفانا عبث من مجلس الشعب الذي لم يستطيع حتى الان القيام بمهامه التي انتخبة الشعب من اجلها كي يتدخل في تشكيل الدستور المصري الذي وان فشلت مصر في تكوينة بشكل عادل وعلى اسس صحيحة وسلمية وليست فاسدة كالسابق فاننا سنعيش فترات اخرى من الفساد ولا نعلم حينها متى تنجح الثورة التي اطاحت بالفساد كي تسود دولة العدل.