الأربعاء، 25 يناير 2012

عام على الثورة


بدأت الساعات الاولى من يوم 25 يناير ... اليوم الذي اصبح تاريخا لا ولن ينسى في حياة المصريين وفي تاريخ مصر اقدم الحضارات على وجة الارض.

منذ عام بالتحديد قام الشعب المصري بثورتة المجيدة ضد نظامة الفاسد الفاشي المتسلط ... ولم يكن في هذا الانجاز الوحيد ولكن في قيام الشعب المصري المعروف دائما بالتحمل والصبر والقبول بالقليل في كل شيء .

لم يكن المواطن المصري البسيط صاحب تطلعات ... او طامع فيما اكثر مما هو فيه ... ولم يكن حاكمة يظن ابدا ان المواطن المصري له الكثير من الحقوق او حتى القليل منها ... ومع مرور الزمن ... وعلى مدار العقود الاخيره من الحكم العسكري لمصر في مطلع الخمسينات وحتى نهاية العام السابق لم يكن المواطن المصري صاحب اي حق في اي شيء الا الظلم ... فقد كان يملك من الظلم والفقير وضيق العيش ما لا يملكة مواطن آخر في اي دولة اخرى.

وكان من العجيب لدى اي باحث او مؤرخ مصري كان او اجنبي في دراسة وتحليل شخصية المواطن المصري وكيف له ان يقبل بكل هذا الظلم وان تسلب حقوقه دون ادنى اعتراض او رفض ... حتى ظن كل الباحثين ان المواطن المصري خلق لكي يجلد نفسة حتى ولو لم يجلدة حاكمة المستبد !!!

وبعد مرور اكثر من تسع وخمسون عاما من حكم العسكر الطاغي المستبد ... وبعد حياة مليئة بالفقر والقهر والاهانة ... وبعد يأس الشباب والاطفال في المستقبل الذي اصبح اكثر ظلمة من مستقبل الاجيال التي تسبقهم ...!

جائت الصرخة التي لم يكن يتوقعها الحاكم الفاسد ولم يتخيل انها سوف تخرج ابدا من مواطنة الذي اصبح كالجماد لا يشعر ولا يتأثر ولا يقدر حتى على التحدث بما فيه من ظلم ... .

جائت الصرخة مدوية ... مفجرة لكل طاقات الظلم الكامن بداخلة ... فلم يقوى النظام الفاشي المستبد ان يحرك ساكنا ... بل تأخر في اتخاذ اي قرار يمكنه ان يكتم هذه الصرخة لكي لا تصبح طوفانا يقتلعه من جذورة.

خرج الشباب المصري ليقول للظم : لا ... ليفني حياته في صرخته افضل من ان يفنيها في بحر من اليأس الذي لا طالما عاش فيه واعتقد انه سيموت بين امواجه... ومع استمرار الصرخات بين جنبات الميادين المصرية وعلى مدار ثلاثة ايام واجه فيها بطش النظام الفاسد وقمعه الذي وصل للقتل والابادة ... ليعطي باقي طوائف الشعب اوكسير الامل وشرارة الصرخة الكبرى لينضم الشعب المصري الى شبابة الثائر في تحقيق مطالبهم المشروعه التي تعاظمت مع صرخاته حتى وصلت الى القضاء على النظام الفاسد باكملة وليست مجرد اصلاحات واهية في بيئة عفنة من الفساد والظلم.

ومع تعالي الصرخات والهتافات المطالبة باسقاط النظام ... ومع انهيار الاجهزه القمعية لدى النظام المتمثلة في الشرطة التي ابدا ما كانت تخدم الشعب ولكنها كانت تقمعه وتذلة وتهين كرامتة ... ليجد النظام نفسه في موقف حرج .

وفي اثناء هذه اللحظات الصعبة التي مر بها النظام الفاسد وقرب انهيارة ظهر على الساحة جيش مصر الذي لم يكن ابدا له تدخل في شؤون مصر الداخلية وكان دائما مشغولا بامن مصر الخارجي ليصبح في موقفا حرج هو الاخر ... فهومطالب بانقاذ مصر من بطش النظام الذي شعر انه يترنح وقارب على السقوط وبين اوامر قائدة الاعلى الذي هو في نفس الوقت رأس النظام الفاسد !

ليجد الشعب ضالتة في جيشة العظيم الذي شهد التاريخ له دائما بالبطولة والشرف في الدفاع عن كل شبر من ارض مصر وتتحول الصرخات المناوئة للنظام الفاسد لهتافات تحية واجلال بالجيش تمثلت في ( الجيش والشعب ايد واحده ) وكأن الشعب الغاضب وجد منقذه الوحيد ليحقق له احلامه الضائعة منذ عقود.

وعلى الرغم من تفويض رأس النظام الفاسد السلطة الى قيادات الجيش لكي يتولوا شؤون البلاد وما في هذا التفويض من ريبة لدى الكثيرين من الشعب ولكن وافق الشعب على هذا املا في التغيير الحقيقي وانجاح ثورتة العظيمة.

ومع مرور الوقت والشهور بعد اعلان خبر تنحي رأس النظام وابعاده عن ادارة البلاد لم يجد المواطن الثائر الصارخ على حالة تغيير سوى من سيء الى اسوأ !!!

وتمر الشهور تلو الاخرى وتتفاقم الاحداث تلو الاخرى ... ويزيد عدد الشهداء منذ ايام الثورة الاولى ليتضاعف على مدار الشهور التالية ... ليجد الثائر المصري نفسه وهو في حفرة من الفساد ظن انه خرج منها ولكنه ظل فيها وانه اعطى الامان والثقة لمن لا يستحقوها ... !!!

وان القيادات العليا لجيشة العظيم تتبنى قائدها المخلوع اكثر ما تتبنى وطنها الذي يستحق منها كل تضحية واهتمام !!!

ولكن ... .

بعد ان خرجت صرخة المواطن المصري لتعلو فوق سماء من الحرية والكرامة والعدالة التي لطالما كانت مستحيلة المنال ... فبالتأكيد لن يقبل ان تعود الصرخات الى سريرته ويعود في صمتة وصبرة الى سابق عهده المظلم.

لتعود الصرخات والمطالبات بنفس الصرخات والمطالبات التي حدثت منذ عام لاسقاط النظام الذي علم المواطن الثائر انه لم يسقط بعد وليواجه بطشا وصعوبات اكثر في تحقيق احلامه من بطش نظام لم يسقط ومن تشتت وحدته وتفرق صفوفه بين طامعين في مناصب وبين واهمين بالتغيير ... وبين مؤيدين للفساد الذي كان يشملهم بعطفة .

توقفت كتابتي الى هذا الحد ... فلا اعلم حتى اللحظة ما ساكتب من تاريخ لمصر سيحدث مستقبلا ... فلا يعلم احد متى تتحول الصرخات الثائرة ... الى فرحة عارمة بانتصار لمصر ونجاح لثورة راح من اجلها شهداء غلى ثمنهم عن ميدالية او دية تدفع لذويهم ... فلم يضحوا باعمارهم من اجل حفن من المال او ميدالية من الحديد!!

لنبدا اول يوم بعد مرور عام على الثورة ... والثائر المصري الذي كان يمني النفس بان يحتفل بثورتة ... ينزل الى الميدان ليستكملها !!

عام من الثورة ... لاستكمال الثورة.