الخميس، 26 يناير 2012

المجلس العسكري بين مطرقة السندان


مر عام على قيام ثورة مصر المجيدة والتي جائت لتقتلع نظام فاسد استشرى فساده في كل جنبات الحياه ... وقد يكون هذا النظام الفاسد الذي نشأ وترعرع وعظم ظلمة على مدار عقود طويلة يصعب القضاء عليه في ظل ايام معدوده هي عمر الثورة المصرية منذ قيامها وحتى تنحي رأس النظام .

ومنذ ان فوض رأس النظام الذي اجبر على التنحي بعض غضب الشعب العارم الذي انفجر فجأه وبدون ادنى تحسب من نظام لطالما تعود على خنوع وخضوع شعبة على مر العصور ولم يجد المجلس العسكري الذي توالى ادارة البلاد ضالتة في ادارة شؤون البلاد او في الانتقال بالبلاد الى بر الامان .

اختلفت الاتهامات والانتقادات للمجلس العسكري ... فتاره يتهم بانه فاشل سياسيا ولم يستطيع ان ينتقل بمصر من عصر مظلم الى نفق الحرية والكرامة والعدل التي هي اهم مطالب الشعب المصري المظلوم .

وتارة اخرى يتهم بانه متواطيء مع قائدة الاعلى ورأس النظام لحمايتة وتبني فكرة القضاء على الثورة التي اطاحت بنظام كان المجلس العسكري احد تروس عجلاتة.

وحتى من لم يتهم المجلس بالتواطيء او الفشل لم يستطع ان ينكر عدم قدرة المجلس على الانتقال بمصر الى بر الامان ... حتى وان تعاطف معهم ومع مجهودهم في ادارة البلاد ولكنه لم يشعر ولو للحظة بانهم قادرون على هذا الانتقال ... خاصة وان عامل الوقت ومرور الوقت دون بوادر للتغيير تجعله دائما في موقف ضعيف ومحل انتقاد دائم.

ومع كل هذه الاراء والانتقادات تأتي المحاكمات الجارية للنظام الفاسد التي لم تقنع في حيثياتها او اجرائتها او مجرياتها اي ثقة من الشعب تجاه المجلس العسكري ... فلا يعقل ان يثق الشعب في المجلس العسكري لادارة شؤون البلاد وفي الانتقال بها الى ما يحلم به الشعب او حتى في وضع مصر على الطريق الصحيح وفي نفس الوقت يجدوا المجلس العسكري وبكامل الرعاية والحماية لرئيس النظام الذي يرقد في مستشفى فندقي ... حتى انه ينتقل الى المحكمة في طائرة خاصة تجعل من يرى مشهد هبوطها محبطا من صدور حكم في قضية مصر الاهم على مدار تاريخها.

بالاضافة الى استنكار الشعب للمحاكمة التي تتناول قضية لا تحتاج الى جدال ونقاش من دفاع المتهمين فالقتل العمد للمتظاهرين لم يكن في الخفاء ولم يكن من وراء ستار ... ولكنه كان على مرأى ومسمع من كل العالم وعلى كل الفضائيات ... وفي النهاية يجدوا محاكمات تستند الى شهاده الشهود والى الخطب القانونية ولا يعلم الجميع ان العالم كله كان شاهد على هذه المذبحة وعلى هذا القمع العنيف الذي طال شعب ثار على نظامه من اجل استرداد حقة المهدور !

ولا ينكر احد حتى من يضع ثقتة في المجلس العسكري ويصدق وعده بتسليم السلطة في يونيو تحفظة على شهادة السيد المشير طنطاوي بشأن اوامر الرئيس بقتل المتظاهرين ولكنهم يرون في ثقتهم حفاظا على استقرار مصر وعن صعوبة الصدام مع قائد القوات المسلحة في هذا التوقيت الحرج .

واذا فرضنا حسن النية لدى افراد المجلس العسكري وتفكيرهم الحقيقي في الوصول بمصر الى بر الامان والى تسليم السلطة في المعاد المحدد وان يعود الجيش المصري العظيم الى ثكناته ... فاننا نصطدم باطراف صراع قد يكونوا جميعا ضد المجلس العسكري وعلى المجلس مواجهتهم جميعا :-

لنبدا اول اطراف الصراع والذي يعد في خطورتة رقم واحد ... وهو النظام السابق المتمثل في رأسة مبارك ... والاربعين حرامي الراقدين في سجن طره في انتظار معجزه لحمايتهم من بطش شعب لطالما ظلم منهم ... .

كان يستطيع مبارك وابنائه ومعاونية الهرب بعد التنحي ولكنه وبكامل الثقة قبل البقاء واثقا في انتهاء الثوره الى لا شيء وانه وإن لم يستطع ان يعود الى مكانته فهو في حماية المجلس العسكري حتى وان حوكم على فساده فسينتهي كل هذا وسيبقى بكامل حريتة وحماية المجلس هو وابنائه ... ولكن وعندما يجد المجلس العسكري ضغوطا شعبية وسياسية لتطبيق العدل الذي اصبح الان يحتاج الى ثورة والى ضغوط ! ... فانه ومنذ اخر جلسات المحاكمة التاريخية بدأ يستشعر بتخلي المجلس العسكري عنه .
مما قد يدفعة للحرب الضروس ضد هذا المجلس الذي خان العهد وخان الاتفاق ... فالتنحي كان مقابل الحماية ... والان اصبح التنحي بلا اي مقابل ... بل واصبح المصير المحتوم والقصاص العادل هو المصير ... وفي هذه الحالة قد يبذل مبارك قصارى جهده ومزيد من محاولات احداث فوضى عارمة واسقاط للمجلس العسكري خائن العهد فلا يصح ان يذهب مبارك الى الجحيم دون مصاحبة اعوانه الخائنين !

ليأتي طرف الصراع الثاني والذي لا يقل قوة واهمية عن طرف الصراع الاول . المتثل في الثوار المطالبين باسقاط المجلس العسكري وتسليم السلطة فورا دون تأجيل وهم متأكدين من خيانة هذا المجلس لمصر وللمصريين في حماية مبارك وفي فشل ذريع في ادارة البلاد وتبني فكرة الثورة المضادة لاسقاط الثورة المصرية العظيمة ... ويتمثل هذا في الاعتصامات الدائمة والمظاهرات المتتالية المطالبة بتسليم السلطة بل ومحاكمة المجلس العسكري على قتل مزيد من الشهداء طوال الاشهر السابقة .

ويأتي في النهاية طرف الصراع الثالث المتمثل في جماعة الاخوان المسلمين التي وضعت يدها في يد المجلس العسكري بعد تنحي مبارك وعدم مشاركها في اي تظاهرات او مليوينات وموافقتها الدائمة على الصبر على المجلس العسكري حتى يسلم السلطة عندما يستطيع او بمعنى ادق عندما يريد ... ومع كل هذه الثقة والاتفاق فيما بينهم سواء في مكاسب برلمانية وسياسية لجماعة الاخوان المحظورة في السابق مقابل حماية كاملة للمجلس بعد تسليمة السلطة وعدم ملاحقتة قضائيا وضمان سرية الميزانية العسكرية ... الا انه قد يصبح طرفا في الصراع ضد المجلس العسكري وتحول الثقة الى تخوين ... اذا استشعر ان المجلس باقي في حماية مبارك ... مماطلا في تسليمة للسلطة اكثر مما وعد ... منفردا بالسلطة وعدم احترام شرعية البرلمان الذي جائت جماعة الاخوان اغلبية فيه ... .

تعددت اطراف الصراع مع المجلس وتعاظمت قدرتها في الحرب علية ... وبقى موقف المجلس العسكري غير واضحا في مواجهة هذه الاطراف ... حتى وانه اصبح متخبطا في قراراته خائفا دائما ... لا يعلم ما هو قادم ... فالبطش والقمع اصبح امرا صعبها في الفترة القادمة وقد يصبح وبالا عليه ... والسياسة والهدوء قد يصبحوا ايضا حلا فاشلا في انهاء تلك الصراعات وضمان خروجة الامن او بقائة الامن !

ماذا يفعل المجلس العسكري في المستقبل القريب؟ ... وهل ستسلم السلطة في يونيو المقبل كما وعد ؟ ام يبقى في مماطلات جديدة من اجل بقائة وحماية اعضائة من القصاص الذي قد يطولهم في حالة خروجهم من السلطة ؟ وماذا يفعل في مواجهه اطراف الصراع السالفة الذكر؟

اسألة كثيرة قد لا يكون لها اجابات عند المجلس العسكري حتى الان ... ولكنها وبكل تأكيد سيكون لها اجابة في القريب .

وتبقى الحقيقة الواضحة في هذه الفترة .. بأن المجلس العسكري حقا ... بين مطرقة السندان ... وهي اطراف الصراع الدائم معه.