السبت، 11 فبراير 2012

انت مين وانا مين؟!


سؤال مهم ... وقد تكون اجابتة معروفة وبديهية ... ولكن ... وفي ظل الحالة العامة التي نعيشها في وطننا العربي ومن تصدير وتاثير من العالم الغربي قد نحتاج الى اعادة طرح هذا السؤال.

مع انهيار الاتحاد السوفيتي الكيان الاعظم في العالم وبداية ظهور المارد الجديد (الولايات المتحدة اللامريكية) التي استطاعت ان تحل محل الاتحاد السوفيتي بعد انهيارة ... وبعد ضلوعها في هذا الانهيار بفضل الحروب التدميرية التي حدثت على مدار القرن الماضي من حرب عالمية اولى وثانية ومن ثم حرب الاستنزاف التي قضت على اكبر الدول في العالم انذاك وعلى رأسها الاتحاد السوفيتي الدولة العظمى لتتصدر الولايات المتحدة المشهد وليعلن العالم عن ظهور القائد الجديد للعالم في شتى مجالات التقدم ولتصبح الولايات المتحدة رسميا هي اقوى دولة في العالم.

انتهجت الولايات المتحدة منذ بداية نهضتها سياسات عديدة ... كانت جميعها في سبيل نهضتها وتطورها حتى تصبح سيدة العالم والمسيطرة على مجريات الامور في شتى بقاع الارض ... ولعل اهم هذه السياسات كانت سياسة (فرق تسد) ... لتختفي الاتحادات والاتفاقات العسكرية والتجارية والصناعية وغيرها من اتفاقات واتحادات بيدن الدول ... وتتشتت الوجهات والافكار لتبقى الولايات المتحدة المتحكمة في زمام الامور والاقوى من الجميع المتفرقين المختلفين دائما.

كانت الولايات المتحدة من اوائل الدول التي انتهجت سياسة التجسس على دول العالم ومعرفة نقاط الضعف والقوة لديها ... حتى تتمكن من الوصول والسيطرة على هذه الدول بفضل النظام المخابراتي المحكم ... وبغاية الوصول الى ادق الاسرار والتفاصيل التي ترسم ملامح الدول الاخرى كي تتمكن من السيطرة عليها والتدخل في شؤونها ورسم المخططات التي من شأنها اعاقة اي دولة من التقدم والتطور في شتى المجالات اكثر مما يجب او اكثر مما تريدة الولايات المتحدة.

ليجد العالم ولاول مره في الحرب العالمية الاولى سلاحا جديدا مختلف عن الاسلحة التقليدية او المتطورة من العتاد العسكري والاسلحة الحربية في الحروب وهو زراعة الجواسيس التي تتعايش في الدول الاخرى كي تنقل اخبارها واخر ما تخطط له مستقبلا الى الولايات المتحدة .

وبعد نهاية الحربين العالميتين الاولى والثانية ونهاية حرب الاستنزاف واعلان الولايات المتحدة بانها القوة العظمى في العالم لتتغير النظريات الامنية والحربية التي كانت تكبد الدول الخسائر الفادحة في اقتصادياتها لتتحول الى نظرية التخابر والتجسس بين سائر دول العالم ... كي يتسنى للجميع معرفة اوضاعها الاقليمية والدولية والاستعداد الكامل لاي خطر قادم من اي اتجاه.

وبعد السيطرة الكاملة للولايات المتحدة على معظم الدول في العالم من سيطرة سياسية واقتصادية وعسكرية في بعض الاحيان وما ان اصبحت الدول العربية على وجة الخصوص اداه وتابع لسياسات وتعليمات امريكية لدرجة وصلت الى ادق الشؤون الداخلية في الدول العربية ... وبفضل الحكام العرب الذين تحولوا من قيادات عربية لوطن عربي رسمت ملامحة منذ العصر الاسلامي ومع الفتوحات الاسلامية الى عملاء وجنود خادمين للسياسات والاوامر الامريكية .

ومستفيدين من السياسات الامنية الامريكية واللعب بورقة التشوية لكل معارض للنظام وتحويلة من معارض لنظام فاسد الى متواطيء وجاسوس وعميل لدول اخرى مستفيدا من امثلة وقضايا التجسس التي حدثت في التاريخ الحديث حتى يتسنى له التضليل الكامل للشعب العربي ليبقى الشعب خلف قائدة بلا اي دراية وبلا اي وعي سوى كراهية وتشوية كل معارض وحتى يبقى النظام الفاسد في الحكم وتبقى السياسات الامريكية في الدول العربية باقية ومستمرة.

حتى ان لم يوجد معارض قبل الثورات العربية المجيدة الا وتم تشويهة وتحويلة الى عميل وجاسوس يحمل اجندات وسياسات دول اخرى ليدمر ويخرب بها بلاده مقابل حفنة من المال ... !!!

وبعد قيام الثورات العربية وتحول المعارضة من اقلية مشوهه الى اغلبية عظمى وسقوط بعض الحكام العرب العملاء للولايات المتحدة وكان لزاما على الانظمة الفاسدة وباقي الحكام العرب العملاء المتساقطين او المنتظرين لسقوطهم هم وانظمتم الا واتباع سياسة اخرى من تضليل الشعوب العربية بعد ان فشلت نظرية التشوية التي تقتصر على معارض او بضع معارضين الى نظرية امنية امريكية جديدة ... وهي نظرية المؤامرة.

تعتمد نظرية المؤامرة والتي تستخدم عندما يجد الفاسد اقتراب سقوطة بين براثن الثورة وبين نبض الشعب الثائر على ظلمة وفسادة الى نشر فكرة التخوين وتحويل الجميع الى فرق وشعب وتحويل الجميع الى متآمرين على بعضهم البعض وعلى وطنهم جميعا وانهم ليسوا مجرد جواسيس مثلما كانوا يتهموا في السابق بل هم يريدون تقسيم الدول العربية الى ما يريدة العدو ونشر فكرة ان من يختلف معك فهو عدوك حتى يصبح كل شعب عربي وكل مواطن فيه عدو للاخر ومن يختلف معك فهو يريد هدم الدولة فتصبح انت من يهدم الدولة وانا ايضا اريد ان اهدمها ويتحول الشعب اجمع الى جواسيس وخائنين للوطن !!!

فاذا اختار الشعب رجلا يقف ورائه املا في التغيير بعد سقوط الحاكم الفاسد فتجد مجموعة اخرى يتهمونه بالخائن والعميل وان من يقف ورائه هم ايضا خونة وعملاء والعكس صحيح ... ليصبح المواطن البسيط في سائر الدول العربية في حالة من التوهان والضياع من معرفة الحقيقة ... فلا يستطيع ان يعرف من يحب وطنه ويسعى الى التغيير الحقيقي ومن يسعى الى تدمير الوطن وتخريبة وتقسيمة!!!

وقد تنتشر نظرية المؤامرة حتى تصبح وباء ينتاب الغالبية العظمى من الشعوب العربية فلا تحدث عندها اي اتحاد او اتفاق ويتحول الشعب الى فرق تخون بعضها البعض .

وتلزم نظرية المؤامرة نشر الفوضى واحداث انفلات امني قوي يجعل المواطن يتشكك فيما حدث من ثورة ... ليصبح اكبر مستفيد من هذه النظرية الفاسد الاكبر والمسؤول الاول عن ضياع شعبة وتدمير وطنة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا من اجل نيل الرضا للولايات المتحدة التي تريد ان تبقى الشعوب العربية دائما في حالة ضعف وفقر وجهل.

فالتغيير الذي قد يحدث بالثورات قد يحول الدول العربية من دول نامية يعم فيها الجهل ويبقى فيها التخلف الى دول متقدمة بسواعد شبابها التي ابت ان تبقى في طابور التخلف والجهل الذي وقف فيه من سبقوهم من اجيال .

وقد يحدث مع التغيير الجذري في مستقبل الدول العربية تغيير اخر في علاقات الدول العربية بالولايات المتحدة وخروج الدول العربية عن طاعة الولايات المتحدة التي دامت عقود طويلة ولعل هذا هو اكبر الاسباب التي تجعل الولايات المتحدة في حالة من الاضطراب والحيرة والحذر في مستقبل الثورات العربية التي لم تكن ابدا لتعلم متى وكيف قامت ... مما يجعل الولايات المتحدة الان في حالة من الدراسة والتفكير في كيفية ابقاء هيمنتها وسيطرتها على الدول العربية التي تملك من خيرات الذهب الاسود والغاز الطبيعي وغيرها من خيرات طبيعية ما يجعلها دائما محل طمع.

وقد يحدث اتحاد للدول العربية مثلما حدث اتحاد لدول اوروبا مما يضعف من سيطرة الولايات المتحدة عليها في المستقبل وهو ما لا يريدة بالتاكيد المارد الامريكي الذي رسم وخطط كثيرا ملامح سيطرتة وسطوتة وسيادتة على دول العالم وبخاصة الشرق الاوسط بؤرة الاحداث العالمية منذ قديم الازل.

دعونا نعقل جميعا ما يحدث لنلغي فكرة المؤامرة بشكل كامل ... وحتى وإن كانت المؤامرة محتملة وواردة فلن تكون بشكل عام وفي كل الطوائف مثلما يريد الفاسدين.


عام على التنحي الزائف


اليوم هو الحادي عشر من فبراير ... وهو يوم تاريخي في حياة المصريين بعد ان تم الاعلان عن تنحي الرئيس السابق مبارك من قبل نائبة ومدير المخابرات السابق عمر سليمان ... ذلك الاعلان الذي جاء بعد ضغط شعبي وثورة عظيمة من صنع الله وشعب اراد بحق ان يعيش كريما.

جاء الاعلان عن تنحي مبارك وسط صيحات الثوار في ميادين مصر وبفرحة عارمة ملأت قلوب المصريين بشكل عام ... فقد شعروا اخيرا ان الفساد والظلم اخيرا قد سقط!

عانى الشعب المصري وعلى مدار تاريخ طويل من الحكم العسكري من الفقر ولجهل والمرض ... لم يجد الشعب في حاكمة يوما اي اهتمام او رغبة في الاصلاح ... بل وجد دائما انتهازية وطمع وتشدق بالسلطة ... حتى انه شعر انه لن يعيش كريما ابدا وان الحياة الكريمة كانت وستظل لفئة محدودة من الشعب قد لا تتجاوز الواحد بالمائة من عموم الشعب .

تحمل الشعب المصري ما لا يتحمله احد ... فقد استطاع ان يخرج المستعمرين من ارضة ويحارب المعتدين على وطنه مقدما مثالا تاريخيا في البطولة والشرف حتى استطاع ان ينال للوطن كرامتة ليجد نفسة في صراع اخر مع الحاكم المستبد الغبي الذي لم يفكر ولو للحظة في شعبة الجسور الذي يظهر معدنة دائما عند الشدائد ... ليواجة شعب مصر العظيم ضغوطا شديدة وتحمل ملا يطيقة احد من مواجه ظروف المعيشة المحدوده وقلة الحيلة في مواجهه مصاعب الحياة التي صدرها له الحاكم الذي انفرد بالحكم لكي يحقق مصالحة ومصالح اعوانة بغض النظر عن هموم شعبة المتزايدة يوما بعد يوم.

وما ان ثار الشعب على حاكمة الفاسد بعد عقود طويلة لم يرى فيها نور الكرامة والحرية وطيب العيش ... وتشارك في هذا الرئيس والحاكم العسكري الذي جاء من المؤسسة العسكرية ليتحول من مقاتل في حب الوطن الى سارق وطامع في خير الوطن متناسيا شعبة الذي قبل ان يكون هذا او ذاك حاكمة ... حتى يتحقق له ما اراد من ثورتة بتنحي رئيسة الفاسد .

تنحى مبارك وعاش الشعب فرحة الانتصار المليئة بالتفائل في التغيير القادم من ظلم الى عدل ومن جوع الى شبع ومن اهانة الى كرامة وكيفما تشاء ان تذكر من تغيير ... واستشعر الشعب ولاول مرة منذ عقود طويلة بانه اصبح في وطنة الذي كان وطن الفئة القريبة من النظام وكان الشعب غريب في وطنة!!

مر الوقت وتفاقمت الاحداث وازدادت سوء ومن شهداء الثورة في يناير وفبراير الى شهداء مصر في احداث شهرية مفتعلة وكأن الشعب يدفع ثمن ثورتة على حاكمة الفاسد بان يعتقل سياسيا او يروح ضحية احداث دموية او يصاب بإصابات بالغة وصل منها فقد الاعين بعد ان تعامل معه امن النظام بمزيد من العنف والقمع ... لتتبدد احلام الشعب في التغيير وتتحول الى ارهاق وتعب وانتكاسة في معاناه عاش فيها طويلا لتزداد بعد الثورة وتحت ادارة المجلس العسكري الذي جاء مفوضا من مبارك الفاسد ليأخذ لمبارك بالثأر من الثوار!!!

قد تحتاج الاحداث التي مرت على مدار العام المنقضي الى كتب وليست مقالات ولكنها مجتمعة اوصلت الشعب الى حالى من التوهان والضياع واليأس بعد حالة من التفائل والسعاده والامل !!!

ليأتي اليوم الحادي عشر من فبراير وبعد مرور عام من تنحي المخلوع مبارك ... اليوم الذي كان من المفترض ان يكون عيدا قوميا بنجاح الثورة ليتحول الى مزيد من النضال والمواجهه مع بقايا نظام مبارك الفاسد الذي لا يزال في سدة الحكم ولتتحول الثورة من ذكرى الى استمرار في الثورة مع مزيد من الضياع والتشتت وعدم وضوح الرؤية والانقسام بين اطياف الشعب الذي استطاع المجلس العسكري ان يختلقها ويصنعها لكي يشتت وحدة الشعب واتفاقة مثلما كان الحال في ايام الثورة المجيدة.

حقا هو عام من الثورة وليس عام على الثورة ... عام على تنحي زائف وليس تنحي حقيقي ... فمازال مبارك واذرعتة يعبثون في وطننا الحبيب فسادا وخرابا ومازالت الثورة مستمرة حتى تتطهر مصر من فساد نظام بائد عاش واستشرى في فسادة عقودا طويلة ولا يزال يعبث بالوطن مدنسا لشرف البدلة العسكرية التي تمنح صاحبها بطولة قد لا يستحقها مثلما الحال في افراد المجلس العسكري جنود مبارك المخلصين.

في انتظار ان تصبح المقالة عام على الثورة ... عام على تنحي النظام الفاسد ... وبداية لاعوام من البناء والامل والكرامة والعدالة وطيب الحال .