الأحد، 18 نوفمبر 2012

شهداء جدد... والفاعل مسؤول! (حادثة قطار اسيوط)


لم يشأ شهر نوفمبر ان يمر مرور الكرام دون ان تحتضن ارض مصر مزيدا من الشهداء... فاذا كان شهر نوفمبر من العام الماضي شهد ما يسمى باحداث شارع محمد محمود والتي كانت تدور بين المتظاهرين الرافضين لبقاء النظام العسكري احد اركان النظام السابق في ادارة شؤون البلاد والشرطة المصرية التي هي دائما وابدا عبدا للنظام خادما له حتى لو في سبيل تحقيق هذه الخدمة هي ارواح شهداء مصريين قد ازهقت في نوفمبر العام الماضي وكانت سببا رئيسيا بعد الله في تسليم السلطة من المجلس العسكري السابق لاجراء انتخابات جاء بعدها الرئيس محمد مرسي كأول رئيس منتخب من شعب مصر.

وان كان شهداء العام الماضي قد راحوا ضحية فساد الاجهزة الامنية المصرية التي اطلقت على الشعب المصري النار واردت منه العديد من الشهداء فالحادثة الجديدة يوم السبت الموافق 17/11/2012م والتى راح ضحيتها شهداء جدد كانت نتيجة حادث مروع اثر تصادم قطار بمركز منفلوط التابع لمحافظة اسيوط باتوبيس مدرسي كبير يحمل اكثر من خمسين طالبا مدرسيا اثناء ذهابهم الى المدرسة التى وللاسف تبعد كثيرا عن محل اقامتهم... وقد ادى هذا الحادث الى حدوث مجزرة جديدة مثل باقي المجازر التي حدثت العام الماضي واوائل العام الحالي مثل مجزرة بورسعيد وفي هذا الحادث الناجم عن تصادم الحافلة بالقطار في مزلقان بمنفلوط حيث لقى اكثر من خمسين طالبا حتفهم في الحال نتيجة هذا التصادم المروع الذي ابكى قلوب المصريين في نهار يوم السبت كأول خبر سيء يستيقظ علية الشعب المصري في خضم الاخبار السيئة اليومية التي يعيشها الشعب المصري من تخبط في ادارة شؤون البلاد وضعف الحكومة الحالية وفشل الرئيس الجديد لمصر في ادارة شؤون مصر كما يبدوا انها مسؤولية اكبر من هؤلاء جميعا.

قد تبدوا الحادثة قضائا وقدرا نتيجة حادث ولكن الحقيقة هي جريمة شأنها في هذا شأن الكثير من الجرائم التي حدثت في السابق وليس السابق اعني به بعد ثورة يناير المجيدة من جرائم المجلس العسكري بل هي جرائم يمتهد تاريخها لاكثر من ستون عاما من الحكم العسكري الفاسد لمصر والتي دائما وابدا ما تبدوا الحوادث الاليمة فيها بلا فاعل او جاني ويصبح دائما القضاء والقدر هو المسؤول الاول والاخير عنها وفي حقيقة الامر فإن القضاء والقدر بريء من الكثير من التهم التي تحمل في ثناياها الكثير من التواطيء والاهمال والفشل والفساد مجتمعين.

لم يكن في مصادفة مجيء القطار بنقطة المزلقان اثناء تواجد الحافلة في نفس اللحظة في هذا المكان امر محل صدفة او صعب الحدوث الا ما ندر بل كان نتيجة اهمال وتواطيء كل مسؤول واعني بكلمة مسؤول من اول رئيس الجمهورية المسؤول الاول عن مصر الدكتور محمد مرسي ورئيس الوزرء الدكتور هشام قنديل والوزير المختص وزير النقل والمواصلات ورئيس هيئة السكك الحديدة حتى نصل الى عامل المزلقان المنوط بتنظيم حركة السير في المزلقان ومتى يتم اغلاقة لمرور القطارات ومتى يتم فتحة للسيارات والحافلات كي تمر عبر ضفتي المزلقان.

لكل ممن ذكرتهم مسؤولية كبيرة ومباشرة اهمها هي مسؤولية الاهمال والفشل في ادارة ما اوكل لهم من مسؤوليات لا يقدروا ان يتحملوها وقد ادى هذا الى الكثير من الكوارث والاوضاع السيئة في غضون فترة قصيرة من تولي رئيس الدولة لمنصبة وتعيينة لهذه الحكومة العاجزة بكل المقاييس عن اثبات جدارتها بتوليها ادارة شؤون البلاد والسيطرة على مجريات الامور الخاصة باهم واكبر الدول العربية وصاحبة المكانة الكبيرة في العالم وهي الحكومة الاولى التي تاتي بعد اختيار اول رئيس لمصر بعد ثورة يناير المجيدة التي اسقطت فسادا كبيرا شاب كل مناحي الحياة في مصر.

فهل يخرج المصريين من نفق الفساد المظلم الى نفق اخر مظلم ايضا وهو نفق الاخفاق والفشل والضعف الشديد في ادارة شؤون مصر؟...

وحتى لا احمل الاهمال والفشل اكثر مما يحتملوا فقد شاب هذا الاهمال والفشل الكثير من التواطؤا والفساد ايضا اذا ما وضعنا اطلالة بسيطة على الجمعية التاسيسية لعمل الدستور والتي يتبع فيها جماعة الاخوان المسلمين المنتمي لها رئيس الدولة الجديد سياسة الاحتكار والانفراد بالراي وتهميش دور باقي القوى المدنية وممثلوا باقي التيارات الامر الذي ادى الى التهديد المتأخر بالانسحاب من اللجنة لكافة هذه التيارات... وكأن الاخوان المسلمين يروا في مصر قطعة ارض يتم ارثها من النظام الفاسد السابق لهم دون الشعب المصري الذي يقف دائما في دور المعاناه والضعف والفقر اما تحت حكم الحزب الوطني او تحت قيادة جديدة للاخوان المسلمين!...
 
وكعادة كافة المجازر والحوادث الكارثية التي تتعرض لها مصر منذ زمن بعيد فالفاعل دائما معلوم ومجهول في نفس الوقت!!!

كيف هذا؟!

دائما يعلم الجميع من هو المسؤول والجاني ولكن نظرا لان المسؤول والجاني هو نفسة في ذات الوقت المسؤول عن المحاسبة والعقاب فلا يصح اذن ان يصبح متهما وقاضيا في نفس الوقت فتتحول كل جريمة وكارثة الى فاعل مجهول يعلمة الجميع ويأبى النظام الحاكم ان يعلن عنة فقد يعلن عن نفسة حينها متهما وجانيا وقاضيا محاسب في نفس اللحظة.

وماهو هو رد الفعل تجاه هذه الكارثة التي حدثت لتلاميذ صغار هم حقاً مستقبل مصر الضائع على ايدي الفساد الاداري البشع في مصر؟!

ما هو الا استقالة لا فائدة منها لوزير النقل والمواصلات ورئيس هيئة السكك الحديدة وكأن استقالتهم ستأتي بحق هؤلاء الاطفال الابرياء الذي لا ذنب لهم حتى يموتوا في مقتبل عمرهم بهذه البشاعة والجحيم!!... هل تكفي استقالة الوزير؟... هل الوزير هو وحدة المسؤول؟... 

اذا اراد العدل ان يدخل مصر ويعيش فيها ونعيش معه سعداء لانه العدل الذي لا يفرق مواطن من مسؤول فعلينا اولا ان نحول رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء للتحقيق في هذه الكارثة المشتركين فيها بلا شك حتى ولو على سبيل الاهمال والتقصير... ولكن هل يحدث هذا؟... ومن يحاسب المسؤول عندما يرتكب جريمة؟!... 

فهل يقبل العدل يوما ان يدخل مكتب النائب العام المصري الذي يحمل تاريخا من الفساد والظلم لالاف القضايا التي ستظل حبيسة ادراجة حيث تخرج القضايا للتحقيق لدى النائب العام حسب اهوائة الشخصية وانتمائة والمصالح والصفقات التي قد تبرم معه... وفي الحقيقة انا لا ادعي كذبا اذا اكدت يقينا من فساد هذا النائب العام وضرورة تقديمة للمحاسبة شأن باقي المتهمين من المسؤولين الكبار ولكن يبقى السؤال ايضاً... من يحاسب كل هؤلاء؟!

وستشهد الايام القادمة الكثير من الحديث عن هذه الكارثة وسينتهي الحديث كالعادة بانتهاء القضية بلا اي جاني او مسؤول حتى يحاكم محاكمة عادلة فلا عدل في دولة يحمل ابنائها المسؤولين سيف الظلم ولا يعرفوا عن طريق الحق اي سبيل.

رحم الله شهدائنا جميعا وشهداء حادثة يوم السبت الاطفال الابرياء الذين احتسبهم عند الله شهداء وملائكة شفعها لذويهم وان يلهم ذويهم كل الصبر والسلوان وان يلهم الشعب المصري القدرة على تخطي كل الصعاب التي جعلت من ايام الشعب المصري احزان ومآسي لا حصر لها ولا توقف... واذا كان في استكمال ثورة يناير امرا لا بد منه فحينها وجب على الجميع هذا حتى تتوقف الكوارث ويسعد الشعب المصري يوما بوطنة بقليل من الاحزان.... وكثيرا من الافراح.

ان شاء الله.