الأربعاء، 14 مارس 2012

برائة الفاسدين ... وسجن البرائة!


منذ قيام الثورة التي تنحى من خلالها مبارك وتحول من رئيس حاكم الى متهم امام القضاء مع عصابتة من رموز النظام السابق للمحاكمة على قضايا قتل وسرقة و فساد في مختلف مناحي الحياة المصرية من سياسة واقتصاد وتعليم وصحة وغيرها فلم يتركوا شيئا لم يفسدوه حتى قامت الثورة التي اخرجت ما بداخل المصريين من فقر وظلم ومرض وغيرها من الالام الى بركان من الغضب الذي لم يستطع ان يقف امامة النظام وبكل اسلحتة الممكنة.

ونظرا لما انفردت به الثورة المصرية التي تنحت هي الاخرى جانبا عن باقي الثورات التي حدثت على مر التاريخ في قبول الثوار لمحاكمة الفاسدين امام المحاكم العادية بدلا من المحاكم الثورية العاجلة مما ادى الى طول الفترة الانتقالية وتحول التأييد الشعبي للثورة الى الدعوة للاستقرار بصرف النظر عن نجاح الثورة من عدمها نظرا لتدهور الحالة الاجتماعية للمصريين واستغلال ملف الانفلات الامني افضل استغلال مضافا الى هذا ماهية من يدير البلاد وخاصة عندما يأتي بتفويض من رأس النظام المخلوع.

ومن خلال عام على محاكمة رموز النظام الفاسد وبغض النظر عن ماهية هذه المحامات والادلة المقدمة وضعفها امام فساد طال عقود من الزمان وارتسمت ملامحة على وجوه المصريين ولا يحتاج الا دليل فلا يوجد في مصر ما لم يتم افساده ولكن هذا هو القانون والذي قبل الجميع ان يمتثل الفاسدون امامة.

اما وان يتم التدخل في القانون وتشوية قيمة وقامة القضاء سواء في قضية التمويل او في تقديم احراز قضية قتل المتظاهرين التي يحاكم عليها مبارك ولا يحاكم على اي قضية غيرها وكأننا ثورنا على مبارك لانه قتل المتظاهرين ولم يفعل شيئا طيلة ثلاثين عاما من الحكم الفاسد فهذه هي الكارثة .

ونتيجة لادارة المجلس العسكري لشؤون البلاد الذي تبنى في سياستة كيف يحمي الفاسدين ويحاسب الثائرين على ثورتهم وباستغلال سلطاتة وقوتة فلا شيء امامة يقف او يعترض الطريق حتى وان كان القضاء ... حتى وان كان العدل ... حيث لم يسلم من فساد النظام اي مؤسسة حتى القضاء الذي تشوهت صورته على ايدي بعض من ابنائة خادمين النظام والتابعين له.

حتى يمهد المجلس العسكري للشعب المصري المخدوع طيلة عام مر على الثورة ان تتم المصالحة مع الفاسدين السارقين لمصر ولخيراتها والمفسدين للحياة المصرية في شتى جوانبها بان يدفعوا مبلغا من المال مقابل الافراج عنهم وبرائتهم ... حتى يصبح للبرائة ثمن وحكم القضاء بالمال وليس بالعدل .
وهذا ليس اطنابا في الحديث ولا مقالة من الكلام اللغوي ولكنها احداث واخبار تواترت الفترة الماضية واليوم بشأن دراسة وزير المالية بعرض طلب رموز النظام بان يدفعوا اموالا مقابل الافراج عنهم وان الحكومة المصرية بصدد دراسة هذا العرض الان!

هل كان ثمن الفساد وتدمير مصر في شتى المجالات حفنة من المال؟ ... وهل ما سيتم دفعة مقابل البرائة للفاسدين كانت من اموالهم التي ربحوها من اعمالهم ام هي اموال مصر المنهوبة منهم بالاساس؟! ... هل تتوقف المحاكمات ويتوقف العدل ويصمت القانون امام الاموال التي ستدفع من اجل البرائة للفاسدين؟! ... هل هذا مدعاه لكي يسرق الجميع في المستقبل والثمن معروف وهو دفع حفنة من المال ثمناً للبرائة؟! ... هل يحاسب الفقير بالقانون ويسجن ويحاسب الغني بالمال ويفرج عنه ؟!

هل هذا هو ثمن الثورة وثمن صبر الشعب وسكوتة وامتثالة للقضاء العادي لمجموعة من الفاسدين لو تمت محاسبتهم لقضوا حياتهم وراء القضبان؟!

هل هذه هي النتيجة الطبيعية لبقاء النظام الفاسد واحد اركانة في ادارة شؤون البلاد حتى يحاسب الثائر على ثورتة ويبرأ الفاسد عن فساده؟!

وهل يبقى الشعب مجرد متفرج على ما يحدث به ويقبل ما يفرض علية بعد ثورتة على النظام المستبد الذي كان يهمشة ويحتقرة ويظلمة؟!

لا تكفيني مقالات عدة كي اطرح تساؤلات لا اجابة لها سوى التأكيد على قيام العدل وسيادة القانون وسقوط النظام الفاسد وبداية البناء الحقيقي لمصر والا ستنهار الدولة بحق ونتحول جميعا الى فاسدين ... من يستطيع ان يأخذ حقة بيدة فليأخذه ومن لا يستطيع فعلية ان يتحمل الظلم حتى الموت.