الأربعاء، 6 مارس 2013

ودائما... الخيار الاجباري


ما اسرعها الايام... منذ تسعة اشهر ماضية وضع المصريين في اختبار صعب... بل اختيار صعب في انتخاب ايا من المرشحين للرئاسة حينها اما محمد مرسي مرشح الاخوان او احمد شفيق مرشح انصار النظام السابق وقد خلت جولة الاعادة من اي مرشح ثوري معبر عن الثورة الشعبية المجيدة وساعي لتحقيق اهدافها... 

واصبح الشعب المصري بين اختيارين كلاهما اسوء اما مرشح الاخوان الانتهازيين الطامعين العنصريين... او مرشح النظام السابق الفاسد التي قامت الثورة من اجل القضاء على رموز هذا النظام وكان مرشحهم واحدا من هذه الرموز...

حينها تفطن الشارع الثوري بان ثورتهم قد اصبحت في مرحلة الاحتضار فبعد عام ونصف من ادارة المجلس العسكري لشؤون البلاد بعد تنحي الرئيس السابق محمد حسني مبارك... وما قدموه من شهداء ومصابين ابان الثورة او في خلال العام ونصف فترة تولي المجلس العسكري حتى يجدوا انفسهم وثورتهم في مدرجات المتفرجين بعيدين عن المشهد السياسي والقيادي لشؤون البلاد لتحقيق اهداف الثورة وحلم التغيير... 

وقد خرج هذا المشهد الانتخابي مرتديا ثوبا من الديمقراطية الزائفة المتمثلة في صندوق الانتخابات وارادة الشعب وكأن ارادة الشعب بعد ثورتة العظيمة ان يختار بين نظام سابق ونظام الاخوان الذي كان يعلم مدى طمعة وانتهازيتة للمواقف والمصالح طيلة العام ونصف المنقضي تحت حكم المجلس العسكري!!

وفي حقيقة الامر وحقيقة ما حدث هو فرض الاختيار الاجباري على ارادة الشعب وان يصبح الشعب المقهور حينما يطالب بحريتة وارادتة ان يصبح حرا مقيدا في ذات الوقت فله حق الانتخاب ولكنة مقيد باختيارين كلاهما اسوء...

وقد اختار الشعب المصري بنسبة تفوق نصفة بقليل ان يكون مرشح الاخوان هو رئيس مصر بعد ثورتة العظيمة مفضلا اياة عن مرشح النظام السابق التي قامت الثورة على نظامة منتهيا بهذه الانتخابات من مرحلة عصبية مرت علية وعانى منها كثيرا سميت ب "المرحلة الانتقالية" التي اضافت لمعاناة الشعب المصري ما قد عانى منه طيلة العقود الاخيرة تحت ادارة النظام السابق وافساد الحياة في مصر... معتبرا في مجيء رئيس جديد لمصر انتهاء لكل مشاكلة وبداية للتغيير الحقيقي في مصر كي يعيش افضل وينال حقوقة الضائعة والتي بذل من اجلها الكثير من الشهداء...

وكما كان الخيار اجباري ابان الانتخابات المصرية بعد الثورة المجيدة... فالتاريخ يعيد نفسة في اقل من شهور وبعد اخفاق شديد للنظام الحالي في اقناع شعبة انه يختلف عن النظام السابق وانه جاء بعد ثورة كي يغيير الفساد السابق وينهض بالبلاد الى ما تستحق من مكانة... بل لم ينجح النظام الحالي الا في اثبات انه اكثر فسادا وقبحا من النظام السابق الذي ثار المصريون علية بعد ان فاض بهم الكيل... 

دعوات الشارع المصري لعمل توكيلات للفريق عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع لادارة شؤون البلاد بدلا من محمد مرسي التابع لجماعة الاخوان... اشتباكات ومتظاهرات واعتصامات وعصيان مدني هنا وهناك... توقف المصانع والطرق والكباري والمصالح... تصريحات وكشف عن النوايا الخبيثة لقيادات الاخوان في نيتهم بيع مصر لقطر وغيرها من الدول التي تريد استثمار مصر اكثر من نظامها الحاكم.... وفي النهاية شهداء يتساقطون يوميا من مختلف انحاء مصر في جريمة معتادة من الشرطة المصرية التي لا تعرف سوى قتل شعبها وليس امنهم...

هي الاوضاع اذن والغضب يزداد والثوار يرفضون فناء ثورتهم للابد ببقاء الاخوان الكافرين باي ثورة واي فكرة سوى افكارهم ومصالحهم كما يزداد غضب الشارع المصري المشارك في الثورة او الذي لزم بيتة في سوء الاوضاع واضطراب الامن والامان وغلاء الاسعار وصعوبة الحصول على المواد الرئيسية كالوقود والعيش وغيرها من مستلزمات الحياة اليومية...

ولا يعلم احد من وراء كل هذا؟ هل هو غباء النظام في التعامل مع الازمات وادارة شؤون البلاد فقط؟ ام انها حالت الغضب التي لا تتوقف نتيجة لبقاء الاوضاع سيئة قبل وبعد الثورة؟ ام انها تدبير امني محكم بغرض اسقاط النظام الذي لم يكن ابدا على وفاق مع الاجهزة الامنية بل كان دائما متهما منها؟ ام هو كل ماسبق ولا يعلم احد ايا من هذه الاسالة يطغى على غيرة من احداث دائرة وسببا فيها بشكل كبير؟.....

وهنا الخيار الاجباري المفروض على الشعب المصري يكمن في الاختيار بين نزول الجيش المصري لوقف كل ما يحدث من انهيار للدولة وما قد يزداد تفاقما في الايام القليلة القادمة وبعد سقوط المزيد من الشهداء والذي قد يزداد اكثر واكثر في مواجهات بين المنتمين لجماعة الاخوان الحاكمة وبين الشعب الرافض لبقائها بشكل مباشر قد يؤدي لسقوط عشرات الشهداء... 

او الخيار الاخر في بقاء جماعة الاخوان في الحكم وبمرور الوقت تستطيع الجماعة من تنفيذ مخطط التمكين "الاخونة" في جميع مفاصل الدولة للسيطرة على الحكم بشكل ابدي او حتى عقود من الزمان مثلما مكث الرئيس السابق مبارك ولتذهب الديمقراطية وتداول السلطة في مصر الى الجحيم ولتعود اوضاع الشعب المصري اسوء مما كانت علية ابان حكم النظام السابق ونخرج من مخطط خصخصة شركات مصر ابان النظام السابق الى خطة بيع مصر بباكملها وجعل الشعب عبيدا عن المستثمرين من الدول الصديقة لجماعة الاخوان ويصبح المواطن المصري اكثر فقرا واهانة لكرامتة وضيق لحالة وتعود الشباب الى حياة اليأس او اليأس من الحياة...!

وبغض النظر عن حقيقة نزول الجيش وكيف ومتى يمكن ان تحدث ففي هذا الشان كثيرا من الامور والاشاعات التي قد تصدق وقد تبقى اشاعة كاذبة... فالاوضاع مازالت مستمرة في السوء وتزداد من سيء لاسوء بلا ادنى بارقة امل يطمع الشعب بها في صبر قميء يجعلهم ينتظرون الخير حتى ولو لم ياتي كما لم ياتي سابقا...

ليصبح الشعب المصري في اختيار اجباري... اما ان يطلب بنزول الجيش وسقوط الاخوان وان تحكم المؤسسة العسكري مصر متمثلة في وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي الذي سيتحول الى رئيس لجمهورية مصر العربية ويعود حكم العسكر لمصر بقناعة من الشعب انه لا يحكم الا من عسكري وان "عجلة" الوطن لن تسير الا بقيادة عسكرية قوية حاكمة ومستقرة تعطي الامن والامان حتى لو لم تعطي شيئا آخر... 

او ان يبقى حكم الاخوان ليس من اجل الاخوان انفسهم ولكن من اجل الهروب من الحكم العسكري المستبد الذي قد دانت له السلطة طيلة الستون عاما الماضية والتي تدهورت فيها اوضاع الشعب المصري بشكل تدريجي حتى جاء اخر رئيس بخلفية عسكرية وهو الرئيس السابق مبارك ليقضي على ما تبقى من اخضر ويابس وامل في نفوس الشارع المصري ان يرى مستقبل افضل بعد حاضر مرير وماضي اقسى مرارة طيلة ثلاثون عاما مضت...

ويبقى الشعب الفقير بغالبيتة المنتمي لدولة كبيرة ومهمة ولكنها نامية تابعة لارادة دولة اخرى في اختيار بين سيء واسوء كما كان دائما الاختيار الاجباري على هذا الشعب الذي كتب علية منذ ازمان بعيدة ان يعاني ويعاني ويظل يعاني وحتى ان قدر له ان يختار فانه دوما يجبر على الاختيار...

ولا عزاء للثوار المتفرقين المتفرجين على المشهد وكيف يتلاعب الاخرون بحلمهم الوحيد... وهما مجرد اداة لا يعرفون اين طريق الثورة وكي تنتزع من براثن اما العسكري او الاخوان وبعضهم باحث عن شهرة مزيفة او منساق وراء نخبة متخلفة فاشلة وبعضهم لا يعرف من اين يبدأ الطريق... ويبقى الشعب في اختيارين كلاهما اسوء ولا يوجد في قائمة الاختيار الاجباري مفهوم كلمة "ثورة" .....