الثلاثاء، 10 يناير 2012

معركة البقاء


ثورة يناير التي غيرت ولا تزال في مراحلة تغييرها لشكل التاريخ المصري الحديث والتي تؤكد انها الثورة الاغرب على مر التاريخ منذ بدايتها ومرورا بالاحداث التي عقبت حدوثها وحتى الان فهي لم تستكمل بعد ولم تنتهي الى نتائج حتى يومنا هذا وبعد مرور عام كامل من بدايتها ... .

على مر التاريخ وعندما يسرد لنا تاريخ العالم كل الثورات التي حدثت نجد تشابها كبيرا بين معظمها في النتائج وما آلت اليه في النهايه من انتصار للثوار ومحاكم ثورية للفاسدين ... فالثورة ومن اهم مبادئها انها تحكم محاكم فورية لا تنظر فيها الى مباديء العدل في اعطاء المتهم بالفساد في ان يدافع عن نفسه او يتنصل من فساد اقترفة واقدم عليه ... ولا تهدا الا بظهور نظام جديد يحمل من الشفافية والعدل ما لم يحملة قبلة النظام الفاسد المثار علية ... وكانت دائما الثورات تتبنى قائدا لها يلتف حولة الثوار ليصبح القائد والمفجر لهذه الثورة لتصبح مبادئة وافكارة في المستقبل ملهمة لكل من اتى بعده مثلما حدث مع الثائر الكوبي الارجنتيني المولد الذي اصبحت مبادؤه وافكارة نبراسا يحتذي به .

ولكن وعندما تحدث في مصر ثورة شعبية قام بها الشعب المظلوم المهضوم على مدار عقود طويلة حقة الذي تحمل وصبر وعانى كثيرا حيث لا يتسطيع ان يتحملها بشر سوى من بنوا الاهرامات وحفروا قناة السويس وعاشوا عصورا من الاستعمار الاجنبي بمختلف اشكالة  فانها وبالتأكيد تصبح ثورة مختلفة ويرجع اختلافها الى طبيعة الشعب المصري وصفاتة التي توطنت وكمنت بداخلة على مر العصور والحضارات المختلفة التي مرت عليه ومن اهمها الطيبة الكامنة بداخلة التي كانت عاملا مؤثرا في ثورتة وفي مسار الثورة بشكل جعلها بالفعل ثورة مختلفة ونادرة لا تحدث على مدار التاريخ الا في ارض الحضارات والتاريخ .

تفردت الثورة المصرية القائمة على انهاء الفساد المستشري والمتفشي في كل مناحي الحياه المصرية منذ عقود طويلة سواء في عصر اللامبارك حسني مبارك او في عصر من سبقوة من المؤسسة العسكرية التي اثبتت بما لا يدع مجال للشك انها بارعة في الحروب وحماية الوطن وفاشلة فشل ذريع في ادارة شؤون مصر السياسية بانها لم تحاكم الفاسدين من النظام بمحاكم ثورة فورية ولكنها وبموافقة شعبية ارادت ان تحاكمهم محاكمة طبيعية امام القضاء العادي .... مما عكس للعالم اجمع ان الثورة المصرية ثورة حضارية كما هو حال ارضها وحضارتها التي تعد اقدم حضارات التاريخ .

كما انفردت الثورة المصرية بما لم يحدث في اي ثورات سابقة على مر التاريخ بانها لم تقطع كل ذيول الفساد بل وتركت ذيول الفساد لا تزال في سدة الحكم ... فلا يعقل ان يثور المصريين على نظام فاسد ورئيسة وفي نفس الوقت يفوض هذا الرئيس الفاسد بعض معاونية لادارة شؤون البلاد ويقبل الشعب هذا التفويض .

ونتيجة الى هذه الانفرادات التي وان كانت في ظاهرها جيدة ولكنها سلبية فقد تحولت الثوره الى انتقام من ذيول النظام الفاسد المتمثل في المجلس العسكري الذي يدير شؤون البلاد الى الثوار الذين ثاروا واسقطوا رئيسهم المبارك ...

فلم تهد الثورة منذ تنحي الرئيس المخلوع الا وحدثت اعمال عنف ضد الشعب والمتظاهرين بالتحديد منذ شهر مارس ومرورها بكل شهور السنة الماضية حتى شهر ديسمبر وفي كل حدث يسقط مزيدا من الشهداء دون ادنة تحرك او رده فعل من عموم الشعب الذي استطاع المجلس العسكري ان يشعره بان الثوار هم مخربين لمصر وكان هذا احد ضرائب الصمت على التفويض اللعين ونتيجة ايضا الى الاستفتاء اللعين الذي اجراه المجلس العسكري في شهر مارس والذي كان هدفا وسببا لتمزيق وحدة الشعب والتفافة جميعا على الثورة والايمان باهدافها النبيلة .

ليبدا العام الجديد وتقترب علينا اولى ذكرى الثورة المجيدة التي وان كان البعض يتخيلها فرصة للاحتفال ولكن الثوار الحقيقين يرون فيها استكمال لثورتهم الغريبة التي لم ولن تحدث في اي نظام في العالم سوى في مصر ... 

وفي المقابل يرى المجلس العسكري احد توابع النظام الفاسد انها معركة البقاء للنظام والقضاء على الثورة والثوار .... ليقف الاخوان المسلمين والاحزاب ذات المرجع الديني موقف المتفرج مثلما وقفت الشهور السابقة تاركة الثوار ومهرولة في اتجاه مصالحها وفي سبيل نهضتها فقط .

لتصبح في محك حقيقي بعد نجاحها في تمثيل اغلبية السلطة التشريعية وموقفها المنتظر من الشعب المصري الذي اعطى ثقتة لها في انتظار نتائجها المبهره التي قد تكون مخزية في الواقع ليحدث وبالتاكيد صدام ثلاثي بين الثوار والمجلس العسكري وحزب الاغلبية في البرلمان ... وكل طرف من الاطراف الثلاثة يصارع من اجل البقاء ...

فالثوار يصارعون من اجل بقاء ونجاح ثورتهم ... والمجلس العسكري في صراع مضاد من اجل بقاء نظامة الفاسد الذي يعد احد تروس عحلاتة ... وبين حزب الاغلبية في البرلمان الذي ينتظر شعب مصر منه الكثير بعدما وضعوا ثقتهم فيه ... ويصبح الخامس والعشرين من يناير القادم حلبة للصراع بين اطراف المثلث ... وتصبح المعركة في الحقيقة .... هي معركة البقاء.

قد نرى في هذا احداثا قوية قادمة واضطرابات شديدة ... حيث يخرج السلاح ويشهر على متظاهرين سلميين ... وقد نرى ايضا ايمانا قويا من المتظاهرين ودفاعا مستميتا عن ثورتهم وفنائا بحياتهم فدائا لها ... وقد نرى ايضا مواقفا مشرفة او مخزية لاحزاب البرلمان التي تنادي بالشرعية في ظل ثورة لا تعترف الا بشرعيتها .

لننتظر جميعا .... معركة البقاء