الأحد، 27 أبريل 2014

لست متشاؤم... ولكني واقعي



عندما تريد ان تكتب واصفا ومدونا لمرحلة من مراحل التاريخ المصري المعاصري فعليك ان تجاهد من اجل ان تتسم بالامانة والحياد والدقة والصدق وان تجعل نفسك عينا على الاحداث ولست بداخلها حتى لا تتبنى وجهة نظر مبنية على طرف دون الاخر فيتحول الوصف والتوثيق الى مجرد رأي قد يصيب وقد يخطأ.. هكذا اردت ان ابدأ.

تعيش مصر ويعيش شعبها منذ الحادي عشر من فبراير 2011 وهو اعلان نائب رئيس الجمهورية انذاك عمر سليمان عن تنحي الرئيس السابق مبارك عن الحكم وتكليف المجلس الاعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد وحتى يومنا هذا حالة من التخبط وعدم الاستقرار في شتى المجالات سواء الاقتصادية او الامنية وغيرها وبايجاز عن اسباب هذا التخبط الذي يتحملة الجميع بلا شك يكمن في عدم وضوح رؤية جميع الاطراف مضافا الى طمع اطراف محددة في مكاسب مصالح قد تتحقق بزوال حكم مبارك وطمع اطراف اخرى في تثبيت وزيادة مصالحها السابقة واطراف اخرى في نيل بعض المصالح ولو البسيطة في وطن اصبحت رؤية الكثيرين له انه الكعكة التي يجب ان ينال كل طرف منها جانب ويتبقى الطرف الاكبر والسواد الاعظم عددا الذي لم ولن يتمنى سوى تيسير وتحسين للحياة البسيطة التي كان يعيشها حيث لم يكن له احلام او طموح يفوق حدود حياة انسان يرغب فقط في الحفاظ على آدميتة...

رحل مبارك وجاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة ثم رحل ليجيء مرسي والاخوان ثم رحل ليجيء رئيس مؤقت للبلاد وقريبا سيرحل ليجيء رئيس منتخب آخر في اقل من سنة وفي تعداد كم هؤلاء الحكام في المدة الزمنية القصيرة نتائج اقل ما توصف بالكارثية حيث لا استقرار او تقدم يمكن ان يحدث لوطن يحكمة انظمة لمدة لا تزيد عن العام وخاصة اذا كان كل نظام جاء ليقصي ما يقبلة كما تم تخطيطة من كل نظام حكم مصر في غضون ثلاث سنوات منصرمة وتزداد الفرقة ويزداد الانقسام وتسيل الدماء هنا وهناك ويضيع الحق بين الجميع فلا تعلم كمواطن بسيط من كان الصواب ومن كان الخطأ ومن يريد المصلحة للجميع ومن يبحث عن مصلحتة الخاصة...

واذا كان هذا هو الحال بالنسبة للانظمة المتعاقبة التي جائت ورحلت ومنها ما قد عاد بعد رحيل فالحال بالنسبة لدعاة التغيير والباحثين عن وطن يطبق فيه العدل على الجميع ويحظى كل مواطن بكافة حقوقة ويؤدي كافة واجباتة ليس بحال مختلف او بعيد... دبت الفرقة والشتات اوصال المؤمنين بالثورة وقاموا بتخوين بعضهم البعض بعدما ظهر بينهم الكثيرين من اصحاب المصالح الشخصية والهوى واصبح تقييم البعض للبعض وتحول الكل الى طوائف ترى في اختها الخيانة والتآمر وتحولت الثورة الى صك يمنح الى من في طائفتي وينزع من الطوائف الاخرى فليس الشتات فقط هو من دمر اوصال هؤلاء الحالمين الباحثين عن وطن حقيقي يعيش فيه المرء بكرامة وعدل وانسانية بل عدم وضوح الرؤية والتخطيط لما قاموا به حتى تتبدل الاحوال وينتهي عصر الفساد الى عصر التقدم والازدهار... لم يكن في الرؤية سوى اسقاط نظام اجتمع الجميع وهو نادرا ان يحدث على فساده بل كان يجب ان تمتد الرؤية الى ما بعد اسقاط النظام وهو ما لم يحدث... اضف الى هذا انهم لا يعيشون في هذا الوطن بمفردهم بل وكافة الطوائف اصحاب المصالح والتي قد تبيع الوطن من اجل مصالحها تعيش ايضا معهم بالاضافة ايضا على من يملك ويريد ان يستبقي ملكة الذي اسسة وجمعة ويأبى ان يقتسم ايا من الاطراف معه ما حققة طيلة عقود ست مضت....

ويتبقى السواد الاعظم الذي لم تكن تعنية الثورة الا ان تتبدل احوالة وتتحسن اوضاعة ويشعر فقط بآدميتة التي سلبت منه وحقوقة الضائعة التي داعبت الثورة احلامة بانه قد يستطيع ان يستردها ليقع هذا السواد الاعظم في مأزق كبير وهو من يصدق وفيمن يثق بعد ان رأى الجميع بلا استثناء يشوبهم الفساد والكذب والطمع وحتى الطرف المؤمن باهداف الثورة مشتت وضائع بلا رؤية او اهداف او تنظيم حقيقي يجعلهم على قلب رجل واحد وهدف اسمى واحد وهو مصلحة مصر بل ضاعوا في غيابات التخوين بعضهم البعض ودخول الكثيرين بينهم ممن هم اصحاب مصالح خاصة وكأن الثورة قامت حتى يتحول البعض من مجرد نكرة الى شخصية عامة!!!

هكذا هو حال المصريين وبالتالي هو حال مصر والنتيجة الطبيعية لهذا التخبط والشتات وعدم الرؤية ان يكون العك والمستقبل المجهول هو مصير هذه البلاد فلن نجد من يملك عصا سحرية مثل عصا موسى حتى يضرب بها فتتحول الاوضاع من سيء لافضل او ان يتغير هذا الشتات الى وحدة وقوة او ان يستوعب الجميع اهداف حقيقة تضمن لهذا الوطن التقدم المنشود...

نعم لا يوجد زعيم ولم يكن هناك زعيم ما هي الا خرافات صنعها الانسان وتوارثتها الاجيال وانعمت عليها بالتصديق والتأكيد وهي اكذوبة كبرى... قد يكون هناك حكام نجحوا وقدموا بعض الانجازات لهذا الوطن ولكنهم يملكون من رصيد الاخفاقات ما يكفي لنفي صفة الزعامة عنهم...

اطراف واطراف وتنازع وصراعات ودماااااااء تفرقت وتتفرق من الجميع بلا استثناء وتحدثني عن وطن؟ تريدني ان اقتنع بان هناك وطن يمكن ان ينهض على دماء ابنائه؟ سقط مبارك بسقوط دماء الشهداء كما سقط طنطاوي واجبر على اجراء انتخابات بسقوط دماء شهداء اخرين كما سقط مرسي بسقوط دماء شهداء اخرين كما سيسقط الرئيس القادم والمتوقع بسقوط دماء شهداء اخرين ولن يبقى رئيس لمصر او ينجح طالما شلالات الدم لا تتوقف والصراع مستمر وحتى فكرة التحايل على الصراع والمصالحة على حساب هذه الدم لن يكلف الا سقوط الطرفين وحيل جديدة اخرى لصناعة طرف جديد لتبقى مصر ضحية اطراف عديدة لا تعرف معنى الوطن ولا قيمة دماء ابنائه المهدرة... يضيع الوطن عندما يضيع الحق بين ابنائه وتتحول اسمى الابيات والاشعار والكلمات الوطنية الى مجرد شعارات تخفي ورائها حفنة من المنافقين...

لن تستقر مصر وتتقدم الا اذا تحققت اهداف ثورة يناير المجيدة واستطاع السواد الاعظم من المصريين التخلص من الخونة المتواجدين في كافة الاطراف المتنازعة سواء الجيش او الاخوان او الثوار او اي حزب او فصيل سياسي...