الجمعة، 12 أكتوبر 2012

القبول بالخطأ... خطأ اكبر (عن احكام البرائة في موقعة الجمل)



في البداية وحتى يتم تحكيم العقل قبل كل شيء... اردت ان اعيد على الجميع تعريف معنى الثورة ووجهة نظر القضاء والقانون من مفهوم الثورة حتى استطيع توصيل هذه المقالة والتدوينة الى عقول كل من يقرأها والى عقلي ايضاً الذي لا يزال يعاني من كثرة التفكير من كل الامور المتضاربة التي تحدث من حولة.

تعريف الثورة: هي انقلاب شعبي على نظام سياسي حاكم او مستعمر للقضاء على فساد موجود واقامة حياة جديدة تخلو من هذا الفساد ومن بقاء رموز هذا النظام الفاسد في مناصبهم القيادية نتيجة فساد ملموس وظلم موجود وقوي الم بهذا الشعب.

وان كان هذا هو تعريف الثورة فهو من وجهة نظر الشعب القائم بهذه الثورة ولكنه من وجهة نظر القانون انقلاب على النظام الحاكم ويعد جريمة قد تصل عقوباتها الى السجن والاعدام في بعض الاحيان.

وبالتحدث بشكل خاص عن الثورة المصرية نجد قمة العجب والتناقض الذي قبلة الجميع باحتكام الثورة المصرية للقضاء في محاكمة رموز النظام السابق وكل من افسد الحياة سواء السياسية او الاقتصادية او الاجتماعية في مصر قبل الثورة الشعبية التي حدثت العام الماضي.

كيف احتكم لقضاء يرى الثورة حسب مواد القانون الذي لم يتغير منذ مئات السنين بانها انقلاب على النظام وتعد في القانون جناية يحاسب مرتكبيها؟!

وان كانت هذه هي رؤية القانون للثورة فهناك ما هو اكثر عجباً وغرابة ومثار للسخرية عندما نعلم جميعا ان القانون المصري وهو بالطبع ليس مصريا بالاساس بل ترجع اصولة للقانون الفرنسي والبلجيكي منذ اكثر من مائة عام وفي ظل هذه المدة التي فاقت القرن من الزمان لم يطرأ على القانون اي تعديل او تغيير في اي بند من بنودة في مختلف اجزائة سواء المدنية او الجنائية وغيرها... بل والادعى من ذلك قصر وعجز هذا القانون على ادلة قد يسهل في كثير من الاحيان طمسها واتلافها كما حدث في جميع القضايا المهمة التي يكون فيها المسؤول الكبير في الدولة هو نفسة الجاني المسؤول عن هذه الجريمة!

واذا كانت وجهة نظر القانون للثورة التي اراد منفذيها الاحتكام للقانون ذاتة وليس قانون استثنائي للثورة... واذا كان القانون كما اسردنا قديم وعاجز ومستند لادلة من السهل اتلافها او التلاعب فيها... فما هو اكثر غرابة ومثار لاكبر سخرية من الممكن ان تدعونا جميعا هو:-
كيف نحاسب رموز النظام الفاسد على جريمة قد ارتكبت ابان الثورة المصرية وهم بالاساس قد ثار الشعب ضدهم نتيجة لعقود من الفساد في شتى المجالات قد ارتكبوه او ساعدوا في ارتكابة؟!

هل كان مبارك الرئيس السابق والمثار ضدة من شعب مصر مدان فقط بقتل المتظاهرين ابان الثورة؟!... هل كانت الثورة علية بسبب قتلة للمتظاهرين فيها؟!... هل كان يعلم الثوار او بالاخص الشهداء منهم انهم سيموتون غدرا وظلما اثناء الثورة فلهذا قاموا بها سلفاً؟!!!!!!

هل كان رموز النظام السابق واحد اهم اركان الفساد في مصر طيلة العقود السابقة واحد اهم اسباب قيام الثورة شرفاء طيلة العقود الماضية وكل ما ارتكبوه من جريمة هي موقعة الجميل حتى تتم محاسبتهم فقط عليها؟!... كيف وهذه الموقعة حدثت اثناء الثورة وبعد قيام الثوار بالتظاهر لاسقاط كل هؤلاء نتيجة لعقود من الفساد الذي اصبح في عنان السماء؟!

اليس كل هذا مثار للسخرية والتعجب؟!... ولماذا نصرخ الان ونثور من اجل حكم ببرائة هؤلاء الفاسدين من موقعة الجمل او برائة الظباط الغير شرفاء الذين قاموا بقتل المتظاهرين او غيرها من احكام قضاء عاجز بقانون غير عادل وضعيف؟!

هل كنا كثوار ننتظر محاكمة رموز النظام الفاسد على جريمة موقعة الجميل وهما قد ارتكبوا من الجرائم مالا يعد ولا يحصى طيلة اكثر من ثلاثين عاما من الفساد؟!

هل كان يرضينا الحكم بالحبس عدد ضئيل من السنوات نتيجة التدبير لموقعة الجمل ولم يكن يرضينا انا نرى محاكمات عادلة في كل قضايا الفساد التي ارتكبها هؤلاء الفاسدين طيلة عقود طويلة؟!

لماذا قبلنا بان يتم تلخيص قضايا الفساد لكل هؤلاء في قضايا حدثت اثناء الثورة ولم نتحرك حتى تتم محاكمتهم على كل ما اقترفوه من فساد في السابق وكان سببا في ان قمنا جميعا بثورة ضدهم؟!

حقاً القبول بالخطأ ينتج عنه خطأ اكبر ويتحول الحق الى باطل والباطل الى حق ويصبح الفساد بريء ويتحول البريء الى متهم... في غياب القانون العادل وفي غياب شرعية الثورة التي احتكمت للقضاء الذي لا يرى في الثورة اي شرعية او قانون حتى يصدر احكاما تساند الثورة على الاكتمال!!

وفي ملخص سريع للاحداث التي تحدث الاونة الاخيرة واخرها برائة كبار رموز النظام الفاسد من تهمة الاشتراك في موقعة الجمل وغيرها من احكام بالبرائة لعلاء وجمال مبارك نجلي الرئيس السابق المثار ضدة تثبت كل هذه الاحداث وغيرها ان من يقوم بثورة ولا يكملها فعليه ان يتحمل تبعات اكبر خطأ من الممكن ان يخطأه شعب ثائر في حق وطنة.

ذكريات ماسبيرو... الحقيقة الضائعة



في التاسع من شهر اكتوبر من العام الماضي 2011 عام الثورة المصرية شهدت مصر يوما حزينا داميا حيث تمت اضافة مزيدا من شهداء الثورة في احداث مظاهرات الاخوة الاقباط امام مبنى اتحاد الاذاعة والتلفزيون للمطالبة ببعض المطالب المشروعة وبشكل سلمي... حتى يتفاجيء الجميع بتحرك امني غريب اختلط فيه رجال الامن بالبلطجية وهم قطعاً اصدقاء وتحركت فيه المدرعات الحربية بشكل غريب طامعة في ان تدهس كل من كان هناك وهي قطعاً لا تتحرك بلا سائق وبلا اوامر ولكنها استطاعت ان تجعل من المصريين مسلمين كانوا او اقباط مطباً صناعياً... راح فيه اكثر من سبعة عشر شهيداً واكثر تحت عجلات المدرعة الحربية التي لم ولا كان لها ابدا موقعاً امام مبنى التلفزيون المصري وكانت دائما على حدود مصر للدفاع عن اراضيها وحماية حدودها!

كان هذا ملخص بسيط جدا لما حدث في هذه الذكرى المؤلمة... ولكن.

ماذا بعد هذه المذبحة التي لم تكن ابدا المذبحة الوحيدة على مدار العام الماضي والحالي ايضاً... من الجاني؟... من المجرم؟... اين حق هؤلاء المتظاهرين سلمياً المعبرين عن متطلبات واهداف مشروعة بشكل حضاري وسلمي حتى يتحولوا الى قتلى بلا اي ذنب؟!

وحتى يتم اثبات ان الثورة المصرية لم تستطيع التغيير المنشود حتى الان فقد بقى الجاني لكل الاحداث الجليلة التي حدثت سواء قبل الثورة او ابان الثورة او بعدها مبني للمجهول... وبقيت جهات التحقيق دائما تبدوا عاجزة عن كشف الحقيقة ومحاسبة المجرم المرتكب لاي من هذه المذابح!!!

لم يكن عجز جهات التحقيق عن ضعف او عدم دراية بل كان متعمدا حيث تأخذ جهات التحقيق اوامر وتعليمات حتى يصبح اله العدل لديها هم المسؤولين الكبار عن ادارة شؤون البلاد وفي ظل نسيان اله الحق والعدل الله الواحد الاحد دائما.

ويأتي دائما السؤال الممل والمتكرر... هل كان الجاني محترف في اجرامة حتى يخفي ما ورائة من ادلة ام ان الادلة مثل باقي الادلة في باقي المذابح الاخرى واضحة وضوح الشمس ولكن كيف احاسب الجاني وهو في ذات الوقت المسؤول!

قتل شهداء ماسبيروا بمدرعة حربية فهل كان الجاني مثلا من العصابات المسلحة؟!... هل تملك اي جهة في مصر او اي دولة في العالم مدرعات حربية سوى الجيش المصري او جيش اي دولة في العالم؟... هل اداة الجريمة تابعة لجماعة ارهابية او جهة غير معلومة؟!...

ام هي مدرعة الجيش ومن يرتادها كان سائقا مجندا ومعه ظابطا بالقوات المسلحة والعديد من الجنود؟!...

والسؤال الاهم... لماذا يحدث هذا مع متظاهرين سلميين لا سلاح لهم ولا قوة حتى يتم الرد والتعامل بنفس القوة والسلاح؟!... ام كانت هي تصفية حسابات لكل من شارك في ثورة يناير المجيدة حتى يدفع ثمن ثورتة على نظام فاسد لم يسقط حينها؟!

واذا كان كل ما سبق قد تم طرحة وكثر السؤال فية دون جدوى فقد تبقى حقيقة واحدة وهي ان القانون دائما ما يبقى عاجزا امام الادلة التي يتم طمسها والتحايل عليها وخاصة عندما يكون الجاني والمسؤول وجهان لعملة واحدة وغالبا ما يكون هذا في مصر بكل اسف.

وعندما يصبح العدل والقضاء عاجزا عن الحكم بادلة مجهولة وقد تبدوا واضحة ولكن بحيثيات القانون هي غير كافية وغير مؤكدة... فسيبقى الفساد والباطل قوياً... ليبقى العدل والحق مظلومين بلا اي مدافع او اي قوة تعيد الحق والعدل فوق القوة.

وحتى تتحول كل ذكرياتنا الى ذكريات مؤلمة وتبقى دائما الحقيقة ضائعة حتى وان بدت ظاهرة وواضحة فستبقى ضائعة حيث ضاع الناس وضاع الحق بينهم.