الأحد، 26 فبراير 2012

مصر وايران ... ايد واحده

منذ اكثر من عشر سنوات وانا اتابع الدولة الاسلامية الفارسية ايران وعن مدى تقدمها في مختلف المجالات والتي بدا واضحا وجليا في الفترة الحالية وخاصة وانها احد الدول القليلة التي استطاعت ان تنمو بعيدا عن العبائة الامريكية التي غطت معظم دول الشرق الاوسط والدول العربية بالتحديد.

وعلى الرغم من كون ايران دولة نامية شأنها شأن معظم الدول المجاورة وشأن مصر ايضاً نتيجة للاستعمار الغربي الذي اجتاح الشرق الاوسط والعالم الاسلامي في حملات هي حملات التبشير والاستغلال والاستعمار، وكانت منطقة الشرق الأوسط قد بدت في النصف الأول من القرن العشرين كأكبر مستودع ومصدر للطاقة التي قامت عليها الثورة الصناعية الثانية، وكان بترولها الرخيص في البداية أهم دعم اقتصادي حصت عليه أوروبا الغربية، ذلك لأن البترول يحتل مركز الصدارة في تطوير الصناعات الحديثة وحركتها، إذ أنه الطاقة الرئيسية لتدوير عجلات الصناعة، والمادة الأساسية لإنتاج المنتجات البتروكيماوية.

وبنظرة سريعة على تاريخ ايران المعاصر وخاصة بعد قيام الثورة الايرانية سنة 1979 وتحولها من نظام ملكي الى نظام جمهوري وتحرر ايران من سيادة الدول المستعمرة في السابق والاستحواز الكامل على ثرواتها البترولية وبصرف النظر عن الحكم الاسلامي لايران الذي لم يقف عائقا اما النهضة الايرانية الصناعية والاقتصادية وكذلك السياسية التي جعلت ايران في صدام دائم مع الولايات المتحدة منذ ان شرعت ايران في بناء اول مفاعل نووي "بوشهر" الذي استمر بنائة لاكثر من 35 عاما نتيجة تدخلات الولايات المتحدة وتأثيرها على الدول الصناعية الكبرى في مساعدة ايران على بناء مفاعلها النووي حتى قامت روسيا بمساعدتها واتمام المشروع النووي الايراني في مفاعل بوشهر باميراباد عام 2010 .

وكان هذا هو السبب الرئيسي للكثير من الصراعات الدولية التي تتزعمها الولايات المتحدة مع ايران من حصار اقتصادي وسياسي دام على مدار السنوات الماضية وبشكل كبير يجعل اي دولة ان تخضع في النهاية وهذا لم يحدث مع ايران التي تحدت كل الصعاب الى ان تصل الا ما تريد من تعزيز قوتها النووية .

ولم يتوقف الصراع الامريكي الايراني عند الحظر الاقتصادي والسياسي فقط بل امتد الى التأثير على كافة الدول المجاورة التي فرضت الولايات المتحدة عليها قطع اي علاقات مع ايران ومنع اي تعاون من الممكن حدوثة .

وصل هذا الفرض والمنع الى المنظور الاسلامي لايران التي وصفت بانها دولة شيعية وانها ليست اسلامية وهذا غير حقيقي فهي من الدول الرائدة للعالم الاسلامي وثورتها كانت بالاساس ثورة اسلامية كان قائدها هو الامام اية الله الخميني وهو عالم دين .

ليصبح التعاون مع ايران حرام! ... والتعاون مع الولايات المتحدة حلال .. وهذا ضرب من العبث بالتأكيد.

وبالرغم من كل هذا الحصار الا ان ايران لم تتوقف ابدا في ابداء مساعدتها ومشاركتها وتعونها الاقتصادي لمصر منذ طرح مبادرة لتعمير سيناء والتنقيب عن البترول المصري في سيناء من قبل شركات ايرانية في مقابل تعاون اقتصادي وسياسي وعسكري بين مصر وايران ... وهذا بالتأكيد قوبل بالرفض من الولايات المتحدة المتحكمة في السياسة المصرية عن طريق عميلها الاول الرئيس المخلوع مبارك الذي رفض اي فكرة لتعمير سيناء من اجل عيون اسرائيل وتنفيذا للمعاهدة الظالمة بين مصر واسرائيل .

وامتدت ايران بيدها لمصر بعد الثورة المصرية في تنفيذ العديد من المشروعات على ارض مصر وانشاء اول محطة نووية بمصر فلا يعقل ان تكون مصر وهي الدولة الاولة صاحبة الريادة والاستراتيجية العسكرية في المنطقة والعدو الاصيل والدائم لاسرائيل وتصبح في النهاية دولة مهمشة غير قادرة على مواجهه عدوها الدائم وخاصة واذا كان هذا العدو التاريخي اسرائيل احد اكبر الدول في انتاج السلاح النووي والذي لم تجد حربا ضروس تجاه منشآتها النووية مثل ايران.

وليس هذا مبررا لانشاء سلاح نووي يدمر العالم اذا استخدم ولكنه تحصين من خطر العدو الذي قد يستخدمة واذا كان هناك عدل في التعامل بين دول العالم فاما ان يمنع انتاج السلاح النووي على دول العالم جميعها او التصريح بانتاجه للجميع ولا يقتصر على دول بعينها.

وبعيدا عن التعاون الصناعي والاقتصادي والسياسي ... فالتجربة الايرانية ونهضتها يستحق الدراسة والاحترام ... كما ان الثورة المصرية التي نريد لها النجاح تأتي باولوية خروج مصر من عبائة الولايات المتحدة التي سيطرت سيطرة كاملة على الشؤون الداخلية والخارجية لمصر بفضل نظام فاسد قبل هذا من اجل نفسة ومصالحة وبغض النظر على مصلحة مصر العليا.

وعندما تعطي ايران الفرصة للتعاون مع مصر فهي ليست في مرحلة عند سياسي مع الولايات المتحدة او صراع فهذا قائم بصرف النظر عن التعاون من عدمة ... ولكن لعلم ايران الشديد بوضع مصر الاقليمي والاستراتيجي والعسكري الذي يمنح لهذا التحالف قوة حقيقية في المنطقة ويقضي على الهيمنة الامريكية للمنطقة التي دامت على مدار العقود الخمس .
وتبقى الفرصة القوية للتعاون بين مصر وايران والغاء الهيمنة الامريكية في انتظار اكتمال الثورة المصرية وسقوط النظام البائد التابع للولايات المتحدة واسرائيل ... ويعود للعالم الاسلامي الذي انقض الغرب علية كثيرا هيبتة وقوتة في اكبر دولتين في الشرق الاوسط ... ولعل هذا سيمنح الفرصة الحقيقية حينها لاقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف الذي ظل اسيرا للكيان الصهيوني منذ اكثر ستين عاما.

اهلا بالعلاقات المصرية الايرانية ... ووداعا للهيمنة الامريكية التي اضاعت مصر في مختلف المجالات من اجل نهضة قوية للكيان الصهيوني وسينتهي على ايدي العالم الاسلامي الذي سينهض مجددا وبعد الانتهاء من ثورات الربيع العربي التي تحارب نجاحها الولايات المتحدة بشتى الطرق ... وصل الى افتعال حرب قد تحدث مع ايران والزج بدول الخليج فيها حتى  تبقى المنطقة تحت سيطرة الولايات المتحدة.

اثنين رئيس وصلحوا!


كثر الحديث الفترة الماضية عن فكرة الخروج الآمن للمجلس العسكري وتسليم السلطة الى سلطة مدنية منتخبة ... ولعل هذا الحديث لم يكن جديدا على مسامع المصريين وخاصة المتابعين للتاريخ المصري المعاصر عندما قيل ذلك في عام 1954م من قبل مجلس قيادة ثورة 1952م ليتحول الخروج الآمن وتسليم السرطة وقتها ... الى حكم عسكري دام اكثر من ستون عاما.

وبمقارنة سريعة لثورتي 1952م  و2011م ... ان الثورة العسكرية جائت لتحكم مع تأييد شعبي وعندما وعدت بتسليم السلطة وخالفت هذا الوعد قبل الشعب ورضى وبقي العسكر حاكمون حتى يومنا هذا ... اما الثورة الشعبية الحالية جائت لتنتفض من حكم العسكر المستبد الظالم الفاسد وبالتالي لن تقبل بقاء العسكر مزيدا من السنين والعقود مثل الأولى .

وبإطلالة سريعة على ثورة يوليو 1952م العسكرية فانها لم تخبيء في طياتها اي فساد لظباط من القوات المسلحة لم يبدأوا مسيرة الحكم الفاسد بعد وبالتالي كان تاريخهم حينها ناصع البياض ... اما الان وبعد ان اصبح المجلس العسكري مطالب بتسليم السلطة في يونيوا المقبل فانه تاركا ورائة هو والنظام الحاكم اطناناً من الفساد والتخبط في مختلف المجالات حتى في الجانب العسكري ... وهو ما سيجعلهم حريصون اكثر من السابق على بقائهم في السلطة التي تحمي وتخفي فسادهم الذي سطرة التاريخ على مدار العقود الماضية وتعاظم على مدار السنة الماضية من احداث شهرية مآساوية راح ضحيتها العديد من الشهداء ولم يمحى من ذاكرة المصريين.

وفي ظل الصراع القائم بين شعب اراد انجاح ثورتة ومجلس عسكري احد اذرع النظام الفاسد واكبرها واقواها ... تنشأ الحلول التي تتبنى التوافق بين المتصارعين... فتارة يخرج علينا البعض بفكرة المباديء فوق دستورية التي تحمي الفاسدين العسكريين من بطش الشعب بعد ان يتركوا السلطة ... وتارة اخرى يخرج علينا البعض بفكرة استقلال المنظومة العسكرية عن منظومة الدولة وان يبقى المجلس العسكري في ادارة شؤونة بعيدا عن ادارة شؤون البلاد التي توكل الى رئيس قادم!

ليتم الوصول الى حل آخر في مسمى " الخروج الامن للمجلس العسكري" وفيها يحكي السياسيون الجهلاء للاسف عن فكرة تأمين اعضاء المجلس العسكري من ملاحقتهم قضائيا ومحاسبتهم على المذابح التي حدثت والظلم الذي قد وقع في السنة الماضية وعلى مدار تاريخهم الحافل بالسرقة والتربح من المؤسسة العسكرية في مقابل تسليمهم السلطة الى سلطة مدنية منتخبة بانتخابات يشرفون عليها!!

حتى تصبح السلطة ملكا لهم ويتنازلون عنها في مقابل حمايتهم من القانون! ... لكي يصبح القانون سيفا على رقاب الضعفاء ... وسلاما! على رقاب اركان النظام الفاسد ... مثلما يتم التمهيد له في محاكمة قائدهم المخلوع الآن!

ويتعلل السياسيون الجهلاء بهذه الفكرة نظرا لما يمكن ان يفعلة المجلس العسكري صاحب السلطة والقوة في عدم تسليمة للسلطة وبقائة جبرا على الثورة وعلى الشعب وتصبح الثورة كأن لم تكن!

ومع رفض الشارع المصري هذه الفكرة العبثية من خروج آمن لفاسدين ... تظهر فكرة اخرى ولا تزال هي الفكرة المسيطرة والمحتملة للحدوث الفترة القادمة:-

فكرة خروج العسكر وبقائهم في نفس الوقت!

عندما يصدر المجلس العسكري مرسوم بقانون بعدم الطعن على انتخابات الرئاسة القادمة ... وعندما يشرف هو بنفسة على هذه الانتخابات ... وعندما يكثر الحديث عن رئيس توافقي يتوافق علية المجلس العسكري مع الاحزاب .

لا ينبأ كل هذا الا على خروج صوري للمجلس العسكري من السلطة وبقاء حقيقي لهم في السلطة بالمجيء برئيس إمعة نتيجة انتخابات مزورة ليعلن اسمة رئيساً للجمهورية ... لكي يتوهم الشعب بانه صاحب السلطة والقوة ومن سيدير شؤون البلاد ... وهو في حقيقة الامر كالخروف الذي يقوده راعية حيثما يريد ... وهذا الراعي بالتأكيد هو المجلس العسكري ... ليتم تأمين مبارك وابنائه وزوجتة ... ويتم تأمين المجلس العسكري على بقائة في السلطة وادارتة الحقيقة للدولة ... ويكون الرئيس صورة وخبر بلا فعل وقرار.

وبهذا يرضى الشعب المخدوع ... ويتم توفيق الاوضاع ... وتنتهي الثورة الى هذا الحد ... وتستمر مصر تحت ادارة حقيقة للنظام السابق الفاسد بلا اي تغيير.

وتصبح مصر برئيسان ... واحد صوري ... والثاني عسكري .